. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ، إِنَّمَا جَاءَ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي لَفْظِ النَّصِّ، حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَ بِمَا لَيْسَ آمِرًا بِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
قَوْلُهُ: «فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِرْنَا وَنُهِينَا» ، أَيْ: قَوْلُهُ: مِنَ السُّنَّةِ كَذَا، أَوْ جَرَتِ السُّنَّةُ، أَوْ مَضَتِ السُّنَّةُ بِكَذَا، كَقَوْلِهِ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنِينَ؛ فَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، وَنَحْوُهُ، حُكْمُهُ: حُكْمُ أُمِرْنَا وَنُهِينَا، فِي أَنَّ الْأَظْهَرَ إِضَافَتُهُ إِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا غَيْرِهِ، مَعَ احْتِمَالِهِ مَا سَبَقَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ، وَهُوَ وُقُوعُ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ هَذَا الرَّاوِي، وَبَيْنَ سُنَّةِ الرَّسُولِ، بِأَنْ يَكُونَ إِمَّا عَرَفَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ السُّنَّةِ بِوَاسِطَةٍ، وَاحْتِمَالِ اعْتِقَادِ مَا لَيْسَ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا.
فَأَمَّا احْتِمَالُ أَنَّ الْآمِرَ غَيْرُ الرَّسُولِ؛ فَلَا يَتَّجِهُ فِي قَوْلِهِ: مِنَ السُّنَّةِ، إِذْ لَيْسَ فِيهَا لَفْظُ أَمْرٍ يَسْتَدْعِي آمِرًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ هَذَا الِاحْتِمَالِ فِي قَوْلِهِ: أُمِرْنَا، احْتِمَالُ تَرَدُّدِ قَوْلِهِ: مِنَ السُّنَّةِ، بَيْنَ سُنَّةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْأَظْهَرَ إِضَافَتُهُ إِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِتَبَادُرِهَا إِلَى الْفَهْمِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي سُنَّةِ الرَّسُولِ، وَسُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ - وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً أَيْضًا، وَاللَّفْظُ يَتَنَاوَلُهَا - لَكِنَّهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَسُنَّةُ الرَّسُولِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا؛ فَحَمْلُ أَمْرِ الصَّحَابِيِّ فِي قَوْلِهِ: مِنَ السُّنَّةِ، عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِمَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute