للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشَّيْخِ: نَعَمْ، فِي سِيَاقِ قِرَاءَةِ الرَّاوِي عَلَيْهِ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّ رِوَايَةَ الشَّيْخِ لِلْحَدِيثِ صَحِيحَةٌ، وَفِي أَنَّهُ أَجَابَ الرَّاوِي إِلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ «خِلَافًا لِبَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ» .

وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَنَّ خِلَافَهُمْ فِيمَا إِذَا سَكَتَ الشَّيْخُ، فَلَمْ يَعْتَرِفْ، وَلَمْ يُنْكِرْ، بِإِشَارَةٍ وَلَا عِبَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي دَلِيلِهِ: وَلَنَا: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، لَمْ يَسْكُتْ؛ فَحَصَرَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِمْ بِحَالَةِ السُّكُوتِ. وَإِنْكَارُ الرِّوَايَةِ مَعَ السُّكُوتِ مَحْكِيٌّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَيْضًا، وَكَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ السَّاكِتَ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَإِلَى أَنَّ السُّكُوتَ عَدَمُ الْكَلَامِ؛ فَلَا يُفِيدُ ثُبُوتَ الرِّوَايَةِ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ السَّاكِتَ مَعَ الْقَرِينَةِ كَالنَّاطِقِ، وَلِهَذَا كَانَ إِقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي تَنْتَهِي إِلَيْهِ حُجَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ السُّكُوتِ مَعَ قَرِينَةِ الرِّضَى. وَسُكُوتُ الشَّيْخِ فِي مَعْرِضِ قِرَاءَةِ الرَّاوِي عَلَيْهِ، يُفِيدُ الْإِخْبَارَ وَالْإِذْنَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَإِلَّا كَانَ تَلْبِيسًا فِي الدِّينِ، وَهُوَ فِسْقٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.

فَأَمَّا إِذَا قَرَأَ عَلَى الشَّيْخِ؛ فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ: أَخْبَرَكَ فُلَانٌ بِكَذَا؛ فَقَالَ: نَعَمْ؛ فَلَا يَتَّجِهُ فِيهِ خِلَافٌ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ سَمِعَ الرَّاوِي قِرَاءَةَ الشَّيْخِ يُحَدِّثُهُ.

قَوْلُهُ: «إِلَّا مَعَ مُخَيَّلَةِ غَفْلَةٍ، أَوْ إِكْرَاهٍ؛ فَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ» ، يَعْنِي سُكُوتَ الشَّيْخِ فِيمَا إِذَا قَرَأَ الرَّاوِي عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ مَعَ تَنَبُّهِهِ فَهُوَ كَافٍ فِي الرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةُ غَفْلَةٍ مِنَ الشَّيْخِ، أَوْ إِكْرَاهٌ لَهُ عَلَى الرِّوَايَةِ، أَوْ أَمْرٌ يُحِيلُ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ كَافِيًا فِي الرِّوَايَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي إِقْرَارِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنْ كَانَ مَعَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>