للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَرْوِي عَنْ شَيْخِهِ مَا شَكَّ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ، إِذْ هُوَ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ؛ فَلَوْ شَاعَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ فِي مَسْمُوعَاتِهِ، وَلَمْ تَتَمَيَّزْ، لَمْ يَرْوِ شَيْئًا مِنْهَا، لِجَوَازِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كُلًّا مِنْهَا، فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بِعَيْنِهِ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَسْمُوعٌ لَهُ؛ فَفِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ خِلَافٌ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَلَا يَرْوِي عَنْ شَيْخِهِ مَا شَكَّ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ» ، يَعْنِي: الرَّاوِي إِذَا شَكَّ، هَلْ سَمِعَ هَذَا الْكِتَابَ أَوِ الْحَدِيثَ مِنْ شَيْخِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهُ شَهَادَةٌ عَلَيْهِ، وَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ مَعَ الشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْجَزْمِ وَالْعِلْمِ؛ فَلَوْ شَاعَ الْحَدِيثُ الْمَشْكُوكُ فِي سَمَاعِهِ فِي مَسْمُوعَاتِ الرَّاوِي، وَلَمْ تَتَمَيَّزْ، فَلَمْ يَعْلَمْ: هَلْ هُوَ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ هَذَا؟ أَوْ هَلْ هُوَ هَذَا الْكِتَابُ أَوْ هَذَا؟ لَمْ يَرْوِ شَيْئًا مِنْ مَسْمُوعَاتِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوكُ فِي سَمَاعِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَوِ الْكُتُبِ الَّتِي هِيَ سَمَاعُهُ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الرِّوَايَةَ شَهَادَةٌ، وَهِيَ تَعْتَمِدُ الْعِلْمَ لَا الشَّكَّ.

وَنَظِيرُ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ. مَا إِذَا اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، أَوِ الْمَيِّتَةُ بِالْمُذَكَّاةِ، لَزِمَهُ اجْتِنَابُ الْجَمِيعِ كَمَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: «فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهَا بِعَيْنِهِ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَسْمُوعٌ لَهُ؛ فَفِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ خِلَافٌ» ، هَذِهِ مَسْأَلَتَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>