. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْفِقْهُ مُسْتَنِدٌ فِي وُجُودِهِ إِلَى أَدِلَّتِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُوجَدْ هِيَ لَمْ يُوجَدْ هُوَ، إِذْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ لَمْ يُحْكُمْ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَوْ لَمْ تُوجَدْ أَدِلَّتُهَا لَمْ يُحْكَمْ بِهَا.
وَالِاسْتِنَادُ، هُوَ اعْتِمَادُ الشَّيْءِ إِلَى غَيْرِهِ، بِحَيْثُ لَوْ زَالَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَمْ يَسْتَقِرَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَكَذَلِكَ الْفِقْهُ مَعَ أَدِلَّتِهِ، لَوْ زَالَتْ لَمْ يَسْتَقِرَّ الْفِقْهُ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي الْأَحْكَامِ الْمَنْسُوخَةِ، كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلَ النَّسْخِ لِبَقَاءِ أَدِلَّتِهَا مُحْكَمَةً، فَلَمَّا زَالَتِ الْأَدِلَّةُ الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ الْأَحْكَامِ لَمْ تَسْتَقِرَّ الْأَحْكَامُ، بَلْ زَالَتْ بِزَوَالِهَا، وَوِزَانُ ذَلِكَ مِنَ الْمَحْسُوسَاتِ مَنِ اسْتَنَدَ إِلَى جِدَارٍ، فَمَالَ الْجِدَارُ وَوَقَعَ، فَإِنَّ الْمُسْتَنِدَ إِلَيْهِ يَقَعُ بِالضَّرُورَةِ. هَذَا الْكَلَامُ عَلَى أَلْفَاظِ الْمُخْتَصَرِ.
وَقَالَ فِي «الْمَحْصُولِ» : الْأَصْلُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ.
وَرُدَّ، بِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَحْتَاجُ إِلَى مَا لَيْسَ أَصْلًا لَهُ، كَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَلْبُوسِ، وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَالْمُحْتَاجُ إِلَيْهِ أَعَمُّ مِنَ الْأَصْلِ؛ إِذْ كَلُّ أَصْلٍ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ أَصْلًا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ - وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ -: أُصُولُ الْفِقْهِ، هِيَ الْأَدِلَّةُ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا الْفِقْهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي «الْعُدَّةِ» : أُصُولُ الْفِقْهِ، عِبَارَةٌ عَمَّا تُبْنَى عَلَيْهِ مَسَائِلُ الْفِقْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute