للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ عَنِّي، أَنِّي حَدَّثْتُهُ عَنْ أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ التَّابِعِينَ فَيَكُونُ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.

فَإِنْ قِيلَ: لَعَلَّ سُهَيْلًا تَذَكَّرَ الْحَدِيثَ بِرِوَايَةِ رَبِيعَةَ عَنْهُ، وَمُرَاجَعَتِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ فَتَخْرُجُ قِصَّتُهُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِهَا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ.

قُلْنَا: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَمَا رَوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْهُ، بَلْ كَانَ يَرْوِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالنِّسْيَانُ مُتَسَلِّطٌ عَلَى الْإِنْسَانِ؛ فَيُحْمَلُ الْحَالُ عَلَيْهِ، وَقَدْ صَنَّفَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ جُزْءًا فِيمَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ، لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا» هَذَا دَلِيلُ الْخَصْمِ، أَيْ: قَالُوا: الْفَرْعُ تَبَعٌ لِشَيْخِهِ فِي إِثْبَاتِ الْحَدِيثِ، بِحَيْثُ إِذَا أَثْبَتَ الشَّيْخُ الْحَدِيثَ، ثَبَتَ بِرِوَايَةِ الْفَرْعِ؛ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَرْعًا عَلَيْهِ، وَتَبَعًا لَهُ فِي النَّفْيِ، بِحَيْثُ إِذَا نَفَاهُ الشَّيْخُ، تَنْتَفِي رِوَايَةُ الْفَرْعِ لَهُ، وَكَالشَّهَادَةِ، فَإِنَّ شَاهِدَ الْأَصْلِ إِذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ، أَوْ تَرَدَّدَ فِيهَا، بَطَلَتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: مَمْنُوعٌ بِمَا ذَكَرْنَا، وَبَابُ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ؛ فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ» . هَذَا جَوَابُ دَلِيلِهِمْ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ أَنَّهُ فَرْعٌ عَلَى الشَّيْخِ فِي النَّفْيِ، بِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِثْبَاتِ، مَمْنُوعٌ بِمَا ذَكَرْنَا، مِنْ أَنَّهُ عَدْلٌ جَازِمٌ بِالرِّوَايَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ رِوَايَتِهِ، وَإِنْكَارِ الشَّيْخِ، مُمْكِنٌ بِمَا سَبَقَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ فَرْعًا فِي الْإِثْبَاتِ، أَنْ يَكُونَ فَرْعًا فِي النَّفْيِ.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ مِنْ بَابِ الرِّوَايَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَا تُسْمَعُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ، وَالرِّوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>