للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا وَجَدَ سَمَاعَهُ بِخَطٍّ يَثِقُ بِهِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ، جَازَ أَنْ يَرْوِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ السَّمَاعَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، كَالشَّهَادَةِ.

وَلَنَا: أَنَّ مَبْنَى الرِّوَايَةِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَقَدْ وُجِدَ، وَلِهَذَا اعْتَمَدَ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا فِي أَقْطَارِ الْبِلَادِ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الشَّهَادَةِ مُمْتَنِعٌ، ثُمَّ مَمْنُوعٌ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَإِذَا وَجَدَ سَمَاعَهُ بِخَطٍّ يَثِقُ بِهِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ، جَازَ أَنْ يَرْوِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ السَّمَاعَ» ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَالَةَ السَّمَاعِ؛ فَيَرْوِي اعْتِمَادًا عَلَى وُثُوقِهِ بِالْخَطِّ وَظَنِّهِ السَّمَاعَ، «وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ» ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ، قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ.

«وَلَنَا» عَلَى الْجَوَازِ: «أَنَّ مَبْنَى الرِّوَايَةِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ» ، إِذِ الْقَطْعُ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي الْفُرُوعِ، «وَقَدْ وُجِدَ» الظَّنُّ؛ فَيَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ «وَلِهَذَا اعْتَمَدَ الصَّحَابَةُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الصَّدَقَاتِ وَغَيْرِهَا فِي أَقْطَارِ الْبِلَادِ» مَعَ أَنَّهَا لَا تُحَصِّلُ إِلَّا الظَّنَّ، وَقِيَاسُ الرِّوَايَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ مُمْتَنِعٌ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفُرُوقِ وَالسِّعَةِ وَالضِّيقِ. وَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ قِيَاسِ الرِّوَايَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّهَادَةِ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ لَنَا فِي الشَّاهِدِ يَجِدُ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ، أَوِ الْحَاكِمِ يَجِدُ حُكْمَهُ بِخَطِّهِ، مُتَيَقِّنًا أَنَّهُ خَطَّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَالَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ أَقْوَالَ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ فَارَقَ خَطُّهُ حِرْزَهُ، لَمْ يَشْهَدْ، وَلَمْ يَحْكُمْ، وَإِلَّا شَهِدَ، وَحَكَمَ؛ فَنَحْنُ نَمْنَعُ الْحُكْمَ فِي الشَّهَادَةِ مَنْعًا مُطْلَقًا أَوْ مُفَصَّلًا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>