. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانٍ: تُقْبَلُ مَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَتَابِعِيهِمْ، وَمَنْ هُوَ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ، دُونَ غَيْرِهِمْ.
قَالَ الْآمِدِيُّ: وَالْمُخْتَارُ قَبُولُ مَرَاسِيلِ الْعَدْلِ مُطْلَقًا.
قُلْتُ: التَّفْصِيلُ أَحْوَطُ، وَالْقَبُولُ مُطْلَقًا أَسْهَلُ، وَأَكْثَرُ لِلْأَحْكَامِ.
قَوْلُهُ: «وَالْخِلَافُ هُنَا» ، أَيْ: فِي مُرْسَلِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ «مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي رِوَايَةِ الْمَجْهُولِ» ; لِأَنَّ الْمُرْسَلَ هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي سَقَطَ مِنْ سَنَدِهِ رَاوٍ ; فَذَلِكَ السَّاقِطُ مِنَ السَّنَدِ مَجْهُولٌ، وَجَهَالَتُهُ هِيَ الَّتِي أَوْجَبَتْ رَدَّهُ عِنْدَ الْخَصْمِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي رِوَايَةِ الْمَجْهُولِ، وَبَيَّنَّا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ، أَنَّ الْأَشْبَهَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ قَبُولُهَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْقَبُولِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْفِسْقِ، وَإِنْ كُنَّا عِنْدَ تَقْرِيرِ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ رَجَّحْنَا الْمَنْعَ.
وَمِمَّا يَقْوَى بِهِ قَبُولُ الْمُرْسَلِ مُطْلَقًا، هُوَ أَنَّ الْعَدْلَ إِذَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ، أَوْ ظَنِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ عَدَالَةَ الْوَاسِطَةِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الظَّاهِرُ مِنْهُ ذَلِكَ، لَكَانَ غَاشًّا لِلْمُسْلِمِينَ، مُلَبِّسًا فِي الدِّينِ، وَذَلِكَ يُنَافِي الْعَدَالَةَ. لَكِنَّا فَرَضْنَاهُ عَدْلًا، هَذَا خُلْفٌ، بَلِ الْمُرْسَلُ رُبَّمَا كَانَ أَقْوَى مِنَ الْمُسْنَدِ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: إِذَا رَوَيْتُ لَكُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَسْنَدْتُ ; فَقَدْ حَدَّثَنِي وَاحِدٌ عَنْهُ، وَإِذَا أَرْسَلْتُ ; فَقَدْ حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute