. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْإِقَامَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَوْجَبُوا الْوُضُوءَ بِخُرُوجِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَكَذَلِكَ الْغَسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَقَوْلُهُ: «وَدَعْوَاهُمْ تَوَاتُرَهُ وَاشْتِهَارَهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، إِذِ الْعِبْرَةُ بِقَوْلِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ» .
هَذَا جَوَابٌ عَنْ دَعْوَى يَدَّعِيهَا الْحَنَفِيَّةُ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي أَثْبَتُوا بِهَا الْأَحْكَامَ، وَهِيَ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَخْبَارَ الْمَذْكُورَةَ تَوَاتَرَتْ عِنْدَهُمْ، وَاشْتَهَرَتْ ; فَمَا أَثْبَتْنَا مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى إِلَّا بِخَبَرٍ مَشْهُورٍ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ دَعْوَى غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ ; لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي اشْتِهَارِ الْخَبَرِ وَعَدَمِهِ، وَصِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا، بِقَوْلِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، لَا بِقَوْلِكُمْ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ آحَادٌ، ثُمَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ، وَالْقِيَاسُ فَرْعٌ لِلْخَبَرِ، وَمُسْتَنْبَطٌ مِنْهُ ; فَلَأَنْ يَثْبُتَ بِالْخَبَرِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْقِيَاسِ أَوْلَى، وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: نَحْنُ إِنَّمَا نُثْبِتُهُ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ، الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ خَبَرٍ مَشْهُورٍ ; فَيَكُونُ الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى أَصْلِهِ، فَإِنْ رَاعَوْا هَذِهِ الْقَاعِدَةَ، لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ثُبُوتِ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى بِالْقِيَاسِ ; لِأَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَهُ بِمُطْلَقِ الْقِيَاسِ، بَلْ بِقِيَاسٍ خَاصٍّ.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: يَجِبُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِشَاعَةُ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى ; فَتَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ ; فَيَشْتَهِرُ عَادَةً.
فَجَوَابُهُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشَاعَةُ، لَوْ لَمْ يَكُنِ الظَّنُّ كَافِيًا فِي التَّعَبُّدِ مُطْلَقًا، لَكِنَّهُ كَافٍ فِي التَّعَبُّدِ ; فَلَا تَجِبُ الْإِشَاعَةُ وَلَوْ سَلَّمْنَا وُجُوبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute