للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْآمِدِيُّ تَفْصِيلًا، وَهُوَ: أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخَصَّ مِنَ الْآخَرِ، كَانَ الْقِيَاسُ مُخَصِّصًا لِلْخَبَرِ، كَمَا يَأْتِي فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَيَكُونُ الْخَبَرُ مُخَصِّصًا لِلْقِيَاسِ، إِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَخَصَّ مِنَ الْآخَرِ، وَتَعَارَضَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ; فَالْخَبَرُ مُقَدَّمٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْقِيَاسُ مُقَدَّمٍ عِنْدَ مَالِكٍ، وَالْوَقْفُ مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ عِلَّةَ الْقِيَاسِ إِنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً ; فَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَوْلَى، إِنْ قُلْنَا إِنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الْعِلَّةِ لَا يُخْرِجُ الْقِيَاسَ عَنْ كَوْنِهِ قِيَاسًا ; لِأَنَّ دَلَالَةَ خَبَرِ الْوَاحِدِ إِمَّا رَاجِحَةٌ عَلَى دَلَالَةِ نَصِّ الْعِلَّةِ، أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهَا، أَوْ مَرْجُوحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، وَبِتَقْدِيرِ رُجْحَانِهَا وَمُسَاوَاتِهَا يَكُونُ الْخَبَرُ أَوْلَى، لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، بِخِلَافِ نَصِّ الْعِلَّةِ، إِذْ دَلَالَتُهُ بِوَاسِطَةِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ دَلَالَةُ نَصِّ الْعِلَّةِ إِذَا كَانَتْ رَاجِحَةً عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ مُسْتَنْبَطَةً ; فَالْخَبَرُ أَوْلَى مُطْلَقًا، وَاسْتَدَلَّ بِخَبَرِ مُعَاذٍ وَغَيْرِهِ.

قُلْتُ: هَذَا تَفْصِيلٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مُجَرَّدًا عَنْ مِثَالٍ، تَكْمِلَةً لِمَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَأَمْثِلَتُهُ تَطُولُ، وَرُبَّمَا تَعَدَّدَتْ، وَذُو الدُّرْبَةِ يَفْهَمُ مَقْصُودَهَا مُجَرَّدَةً عَنْ مِثَالِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>