للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بِالْجَوَازِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ التَّعَبُّدَ فِي الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى ; لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، لَا بِاللَّفْظِ، بِخِلَافِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّ التَّعَبُّدَ بِمَعْنَاهُ لِلْإِبْلَاغِ، وَبِلَفْظِهِ لِلتِّلَاوَةِ وَالْإِعْجَازِ. بِدَلِيلِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَعْنًى يُفْهَمُ ; فَيُمْتَثَلُ، وَنَحْنُ مُتَعَبِّدُونَ بِلَفْظِهَا، وَالْأَجْرُ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهَا، عَلَى كُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، كَسَائِرِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ تَبْدِيلَ اللَّفْظِ بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ جَائِزٌ فِي غَيْرِ السُّنَّةِ، كَالتَّخَاطُبِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ ; فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ فِي السُّنَّةِ ; لِأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ الْكَذِبُ، وَهُوَ حَرَامٌ فِيهِمَا، أَيْ: فِي السُّنَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ مُحَاوَرَاتِ النَّاسِ بَيْنَهُمْ. وَقَدْ جَازَ فِي أَحَدِهِمَا ; فَلْيَجُزْ فِي الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: «وَالرَّاوِي بِالْمَعْنَى الْمُطَابِقِ لِلَفْظٍ مُؤَدٍّ كَمَا سَمِعَ» . هَذَا جَوَابٌ عَنْ دَلِيلِ الْخَصْمِ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِمُوجِبِ الْحَدِيثِ، فَإِنِ اقْتَضَى أَنَّ الرَّاوِيَ يُؤَدِّي الْحَدِيثَ كَمَا سَمِعَهُ، وَالرَّاوِي بِالْمَعْنَى الْمُطَابِقِ يُؤَدِّي كَمَا سَمِعَ.

وَقَوْلُهُمُ: الْحَدِيثُ يَقْتَضِي نَقْلَ اللَّفْظِ بِصُورَتِهِ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، بَلْ نَقَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>