وَالْفِقْهُ لُغَةً: الْفَهْمُ، وَمِنْهُ {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} ، {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} ، أَيْ: مَا نَفْهَمُ، وَلَا تَفْهَمُونَ.
ــ
قَوْلُهُ: " وَالْفِقْهُ لُغَةً " أَيْ فِي اللُّغَةِ: " الْفَهْمُ وَمِنْهُ: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هُودٍ: ٩١] ، {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الْإِسْرَاءِ: ٤٤] أَيْ: مَا نَفْهَمُ، وَلَا تَفْهَمُونَ
هَذَا تَعْرِيفُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مِنْ لَفْظِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَهُوَ الْفِقْهُ بِحَسَبِ اللُّغَةِ. وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ هَاهُنَا تَنْبِيهٌ كُلِّيٌّ، وَهُوَ أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءَ جَرَتْ عَادَتُهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا انْتَصَبُوا لِبَيَانِ لَفْظٍ، بَيَّنُوهُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ، فَقَالُوا مَثَلًا: الْفِقْهُ فِي اللُّغَةِ: كَذَا، وَفِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ: كَذَا، كَمَا نَحْنُ بِصَدَدِ بَيَانِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالصَّلَاةُ فِي اللُّغَةِ: الدُّعَاءُ، وَفِي الشَّرْعِ الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ الْمُفْتَتَحَةُ بِالتَّكْبِيرِ الْمُخْتَتَمَةُ بِالتَّسْلِيمِ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ، وَذَلِكَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ كِبَارِ الْمَسَائِلِ.
وَصُورَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الشَّرْعَ، هَلْ وَضَعَ لِحَقَائِقِهِ الشَّرْعِيَّةِ أَسْمَاءَ بِإِزَائِهَا وَضْعًا اسْتِقْلَالِيًّا خَارِجًا عَنْ وَضْعِ أَهْلِ اللُّغَةِ، أَوْ أَنَّهُ أَبْقَى الْمَوْضُوعَاتِ اللُّغَوِيَّةَ عَلَى حَالِهَا، وَزَادَ فِيهَا شَرْعًا شُرُوطًا وَأَفْعَالًا أُخَرَ؟
مِثَالُهُ: أَنَّهُ سَمَّى الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ صَلَاةً، لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الصَّلَاةِ اللُّغَوِيَّةِ، وَهِيَ الدُّعَاءُ، لَكِنِ اشْتَرَطَ لَهَا فِي الشَّرْعِ شُرُوطَهَا السِّتَّةَ، وَأَرْكَانَهَا الثَّلَاثَةَ عَشَرَ، وَكَذَلِكَ سَمَّى الصَّوْمَ الشَّرْعِيَّ صَوْمًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الصَّوْمِ اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ، وَزَادَهُ النِّيَّةَ، وَقَدَّرَ وَقْتَهُ.
هَذَا فِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ الْأُصُولِيِّينَ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ بِأَدِلَّتِهَا فِي فَصْلِ اللُّغَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute