للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، «بَلْ حُسْنُهُ» ، أَيْ: حُسْنُ الْحُكْمِ، «شَرْعِيٌّ» ، أَيْ: ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ أَيْضًا، «فَيَجُوزُ وُجُودُهُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ» بِاعْتِبَارِ وُرُودِ أَمْرِ الشَّرْعِ بِهِ، وَنَهْيِهِ عَنْهُ، «فَإِذَنِ انْقِلَابُهُ قَبِيحًا مُلْتَزَمٌ» ، أَيْ: فَإِنْ كَانَ حُسْنُ الْحُكْمِ شَرْعِيًّا كَمَا ذَكَرْنَا ; فَنَحْنُ نَلْتَزِمُ جَوَازَ انْقِلَابِهِ قَبِيحًا، إِذْ مَعْنَاهُ - عَلَى قَوْلِنَا - أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِهَذَا الْحُكْمِ، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ، وَلَا مَعْنَى لِحُسْنِهِ وَقُبْحِهِ عِنْدَنَا إِلَّا هَذَا، وَلَا مَجَالَ فِيهِ ; فَمَعْنَى انْقِلَابِ الْحَسَنِ قَبِيحًا: هُوَ صَيْرُورَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِمَصْلَحَةٍ.

وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ - وَهُوَ قَوْلُهُمْ: يُفْضِي إِلَى أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوخُ مُرَادًا، غَيْرَ مُرَادٍ ; فَيَتَنَاقَضُ، بِأَنَّ التَّنَاقُضَ مُنْدَفِعٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ تَعَلَّقَتْ بِوُجُودِهِ قَبْلَ النَّسْخِ، وَبِعَدَمِهِ بَعْدَهُ، وَالتَّنَاقُضُ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ اتِّحَادِ وَقْتِ التَّعَلُّقِ. أَمَّا إِرَادَةُ وُجُودِ الشَّيْءِ وَعَدَمِهِ فِي وَقْتَيْنِ ; فَلَا تَنَاقُضَ فِيهِ.

وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ - وَهُوَ لُزُومُ الْبَدَاءِ - فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْقَطْعِ، أَيْ: لِأَنَّا نَقْطَعُ بِكَمَالِ عَلَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْبَدَاءُ يُنَافِي كَمَالَ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ الْمَحْضَ ; لِأَنَّهُ ظُهُورُ الشَّيْءِ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَفِيًّا.

وَهُوَ مَصْدَرُ بَدَا يَبْدُو بِدَاءً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَدَا لَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ بَدَاءٌ مَمْدُودٌ، أَيْ: نَشَأَ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ، وَإِذَا ثَبَتَ اسْتِحَالَةُ الْبَدَاءِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ; فَتَوْجِيهُ النَّسْخِ: هُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلِمَ الْمَصْلَحَةَ فِي الْحُكْمِ تَارَةً ; فَأَثْبَتَهُ بِالشَّرْعِ، وَعَلِمَ الْمَفْسَدَةِ فِيهِ تَارَةً ; فَنَفَاهُ بِالنَّسْخِ، وَلِذَلِكَ فَائِدَتَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>