للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَعَنِ الثَّانِي» ، أَيْ: وَأُجِيبُ عَنِ الثَّانِي - وَهُوَ دَلِيلُ الْمَانِعِينَ لِنَسْخِ الْحُكْمِ دُونَ اللَّفْظِ، وَهُوَ قَوْلُهُمُ: الْحُكْمُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ ; فَكَيْفَ يُرْفَعُ الْمَدْلُولُ مَعَ بَقَاءِ دَلِيلِهِ - بِأَنَّ اللَّفْظَ دَلِيلُ الْحُكْمِ قَبْلَ النَّسْخِ، أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ ; فَلَا يَبْقَى دَلِيلًا عَلَيْهِ حَتَّى يَلْزَمَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ بَقَاءِ الدَّلِيلِ بِدُونِ مَدْلُولِهِ، بَلْ يَبْقَى عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً، يُتْلَى، وَيُصَلَّى بِهِ، وَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ.

وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ لَهُ جِهَتَانِ، هُوَ مِنْ إِحْدَاهُمَا دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَاهُ، وَمِنَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى هُوَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَإِذَا انْتَفَتْ جِهَةُ كَوْنِهِ دَلِيلًا عَلَى مَعْنَاهُ بِنَسْخِهِ، بَقِيَتْ جِهَةُ كَوْنِهِ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ قَدْ نُسِخَ لَفْظُ آيَةِ الرَّجْمِ دُونَ حُكْمِهَا» ، وَذَلِكَ أَنَّهُ صَحَّ فِي السُّنَّةِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ الْمَتْلُوِّ: «لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ» ، «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» . فَنُسِخَ لَفْظُهَا، وَبَقِيَ حُكْمُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>