. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصَّافَّاتِ: ١٠٤، ١٠٥] ، أَيْ: فَعَلْتَ مَا أُمِرْتَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِالذَّبْحِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مَا فَعَلَهُ بِهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الذَّبِيحِ: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصَّافَّاتِ: ١٠٢] ، وَلَفْظُهُ لَفْظُ الْمُسْتَقْبَلِ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَا أُمِرَ بِالذَّبْحِ، وَإِنَّمَا أُخْبِرَ أَنَّهُ سَيُؤْمَرُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، إِذْ لَوْ كَانَ قَدْ أُمِرَ بِهِ، لَقَالَ: افْعَلْ مَا أُمِرْتَ.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ أُمِرَ بِالذَّبْحِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ عَنْهُ قَبْلَ امْتِثَالِهِ، بَلْ قَلَبَ اللَّهُ عُنُقَ وَلَدِهِ نُحَاسًا، فَلَمْ تُؤْثَرِ الشَّفْرَةُ فِيهِ ; فَسَقَطَ لِتَعَذُّرِهِ.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ، لَكِنَّهُ امْتَثَلَ ; فَذَبَحَهُ، لَكِنْ كَانَ كُلَّمَا قَطَعَ جُزْءًا مِنْ عُنُقِهِ، الْتَأَمَ، أَيِ: الْتَحَمَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: حَالًا فَحَالًا، أَيِ: الْتَأَمَ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، وَشَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ ; فَانْدَمَلَ الْجُرْحُ بِمُجَرَّدِ الْتِحَامِهِ، أَيْ: بَرَأَ وَذَلِكَ بِدَلِيلِ الْآيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} ، عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالذَّبْحِ ; فَيَلْزَمُ أَنَّهُ ذَبَحَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ قَدْ صَدَّقَ الرُّؤْيَا.
وَتَحْقِيقُ هَذَا: أَنَّ كَلَامَنَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَمْرٌ بِالذَّبْحِ، لَكِنْ رَأَيْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ بِتَصْدِيقِ الرُّؤْيَا ; فَقُلْنَا: إِنَّهُ ذَبَحَهُ، وَثَبَتَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِذَبْحِهِ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا طَوِيلًا ; فَقُلْنَا: إِنِ الْعَادَةَ انْخَرَقَتْ فِيهِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ ; مِنِ الْتِئَامِ الْجُرْحِ شَيْئًا فَشَيْئًا.
قَوْلُهُ: «وَالْجَوَابُ» ، أَيْ: عَمَّا ذَكَرْتُمُوهُ، مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِجْمَالِيٌّ عَامٌّ، أَيْ: مِنْ جِهَةِ الْإِجْمَالِ، وَهُوَ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَسْئِلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا، وَتَقْرِيرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ أَنَّهُ ذَبَحَهُ، لَمَا احْتَاجَ إِلَى فِدَائِهِ ; لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَدِ امْتَثَلَ ; فَلَوْ فَدَاهُ مَعَ ذَلِكَ، لَاجْتَمَعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute