للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَتَعَلَّقُ بِهِمَا، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: عَلِمْتُ مَعْنَى كَلَامِهِ، وَعَلِمْتُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، وَتَقُولُ: فَقِهْتُ مَعْنَى الْكَلَامِ وَفَهِمْتُهُ، وَلَا يُقَالُ: فَقِهْتُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ.

وَحَكَى الْقَرَافِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ - وَلَمْ أَجِدْهُ فِي " اللُّمَعِ "، فَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِهِ أَوْ فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهِ -: أَنَّ الْفِقْهَ فِي اللُّغَةِ إِدْرَاكُ الْأَشْيَاءِ الْخَفِيَّةِ، فَلِذَلِكَ تَقُولُ: فَهِمْتُ كَلَامَكَ، وَلَا تَقُولُ: فَهِمْتُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفِقْهَ أَخَصُّ مِنَ الْعِلْمِ، فَهَذَا اخْتِلَافُهُمَا بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهِمَا.

وَأَمَّا بِحَسَبِ حَدِّهِمَا، فَالْعِلْمُ قَدْ عُلِمَ حَدُّهُ بِمَا مَرَّ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَالْفَهْمُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْوَاضِحِ ": هُوَ إِدْرَاكُ مَعْنَى الْكَلَامِ بِسُرْعَةٍ. قُلْتُ أَنَا: وَلَا حَاجَةَ لِقَيْدِ السُّرْعَةِ، لِأَنَّ مَنْ سَمِعَ كَلَامًا وَلَمْ يُدْرِكْ مَعْنَاهُ إِلَّا بَعْدَ شَهْرٍ، أَوْ أَكْثَرَ، قِيلَ: قَدْ فَهِمَهُ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: الْفَهْمُ إِمَّا بَطِيءٌ أَوْ سَرِيعٌ، فَيَنْقَسِمُ إِلَيْهِمَا وَمَوْرِدُ الْقِسْمَةِ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْأَقْسَامِ، نَعَمْ، السُّرْعَةُ قَيْدٌ فِي الْفَهْمِ الْجَيِّدِ.

فَقَدْ تَحَقَّقَ بِمَا ذَكَرْتُهُ، أَنَّ الْفِقْهَ هُوَ الْفَهْمُ، يُقَالُ: فَقِهَ بِكَسْرِ الْقَافِ: إِذَا صَارَ فَقِيهًا، وَفَقَهَ غَيْرَهُ، بِفَتْحِهَا: إِذَا غَلَبَهُ فِي الْفِقْهِ وَتَرَجَّحَ عَلَيْهِ، وَفَقُهَ، بِضَمِّهَا -: إِذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً وَخُلُقًا وَمَلَكَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>