للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِحْدَاهُمَا: نَسْخُ حَبْسِ الزَّانِيَةِ فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَمُوتَ، وَتَعْنِيفِ الزَّانِي، بِإِيجَابِ الْحَدِّ رَجْمًا، أَوْ جَلَدًا وَتَغْرِيبًا، وَهُوَ أَثْقَلُ، وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الزَّانِي كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، إِنْ كَانَ امْرَأَةً، حُبِسَتْ حَتَّى تَمُوتَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا، عُنِّفَ، وَأُوذِيَ بِالْقَوْلِ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النِّسَاءِ: ١٥ - ١٦] ، أَيْ بِالتَّعْنِيفِ وَالذَّمِّ ; فَنُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الرَّجْمِ، وَآيَةِ النُّورِ، فِي جَلْدِ الْبِكْرِ وَغَيْرِهِ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: نَسْخُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمِ رَمَضَانَ.

قُلْتُ: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ وَاجِبًا، ثُمَّ نُسِخَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، صَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ، كَانَ رَمَضَانُ هُوَ الْفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ ; فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

قَوْلُهُ: «قَالُوا: تَشْدِيدٌ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْمَانِعِينَ، وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّسْخَ إِلَى الْأَثْقَلِ تَشْدِيدٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِرَأْفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَحْمَتِهِ ; لِأَنَّ شَأْنَهُ التَّسْهِيلُ عَلَى خَلْقِهِ، لَا التَّشْدِيدُ عَلَيْهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>