للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بِذَلِكَ، لِمَصَالِحَ عَلِمَهَا لَهُمْ فِيهِ.

قَوْلُهُ: «قُلْنَا: فَقَدْ أَجَبْتُمْ عَنَّا» ، أَيْ: هَذَا الْجَوَابُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ; فَهُوَ جَوَابُنَا عَنْ كَوْنِ النَّسْخِ إِلَى الْأَثْقَلِ تَشْدِيدًا، وَهُوَ أَنْ نَقُولَ: النَّسْخُ إِلَى الْأَثْقَلِ لِمَصْلَحَةٍ عَلِمَهَا فِيهِ، كَمَا أَنَّ ابْتِلَاءَهُ لَهُمْ بِالْمَرَضِ، وَسَائِرِ الْمَكَارِهِ، لِمَصَالِحَ عَلِمَهَا لَهُمْ فِيهِ، ثُمَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ التَّشْدِيدِ مُنْتَقَضٌ عَلَيْهِمْ أَيْضًا بِأَصْلِ التَّكْلِيفِ ; فَإِنَّهُ تَشْدِيدٌ، وَتَرْكُهُ أَسْهَلُ عَلَيْهِمْ ; فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: عَدَمُ التَّكْلِيفِ بِالْكُلِّيَّةِ، لَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِاتِّفَاقٍ، كَالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ الدِّينِيَّةِ، وَالِاعْتِقَادِيَّةِ، وَالْعَمَلِيَّةِ.

قَوْلُهُ: «وَالْآيَاتُ وَرَدَتْ فِي صُوَرٍ خَاصَّةٍ» ، يَعْنِي الْآيَاتِ الْوَارِدَةَ فِي التَّخْفِيفِ، وَرَدَتْ فِي أَحْكَامٍ خَاصَّةٍ، وَلَيْسَتْ عَامَّةً، حَتَّى يُحْتَجَّ بِعُمُومِهَا عَلَى مَنْعِ النَّسْخِ إِلَى الْأَثْقَلِ.

أَمَّا قَوْلُهُ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الْأَنْفَالِ: ٦٦] ; فَهِيَ فِي الْجِهَادِ كَمَا ذُكِرَ، بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} [الْأَنْفَالِ: ٦٦] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} ; فَهِيَ فِي سِيَاقِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلَ حُرَّةٍ، ثُمَّ هِيَ مُطْلَقَةٌ، لَا عُمُومَ لِلَفْظِهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٥] ; فَهُوَ فِي سِيَاقِ تَخْفِيفِ الصَّوْمِ عَنِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَاللَّامُ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ وَإِنِ احْتمَلَ أَنَّهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، لَكِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَهُوَ الْيُسْرُ الْحَاصِلُ بِالْإِفْطَارِ، لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْعُسْرُ الْحَاصِلُ لَهُمَا بِالصَّوْمِ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ. عَلَى أَنَّ ابْنَ الْخَشَّابِ حَكَى فِي «الْمُرْتَجَلِ» عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ الْكَلَامَ مَتَى كَانَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>