للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّاسِخِ لَا بِالْعِلْمِ بِهِ» فَيَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: النَّسْخُ يَحْصُلُ بِوُرُودِ النَّاسِخِ ; لِأَنَّ النَّسْخَ رَفَعُ الْحُكْمِ، وَبِوُرُودِ النَّاسِخِ يَحْصُلُ الرَّفْعُ، سَوَاءٌ بَلَغَ الْمُكَلَّفَ النَّاسِخُ أَوْ لَا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ مُطْلَقًا، بَلَغَهُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ.

نَعَمْ إِذَا لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ ; فَأَخَلَّ بِامْتِثَالِ حُكْمِهِ، كَانَ مَعْذُورًا بِعَدَمِ الْعِلْمِ ; فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِالْقَضَاءِ، وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَعْذُورِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، كَالْحَائِضِ وَالنَّائِمِ، يَقْضِيَانِ مَا فَاتَهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ وَقْتَ الْحَيْضِ وَالنَّوْمِ، مَعَ أَنَّهُمَا مَعْذُورَانِ.

كَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ، يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ حُكْمِهِ فِي حَالِ عَدَمِ بُلُوغِهِ إِيَّاهُ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ عَدَمِ الْعِلْمِ فِي سُقُوطِ الْإِثْمِ ; فَإِنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالنَّاسِخِ، وَتَرَكَ مُقْتَضَاهُ، أَثِمَ، وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِلْعُذْرِ.

قَوْلُهُ: «وَالْقِبْلَةُ تَسْقُطُ بِالْعُذْرِ» . هَذَا جَوَابٌ مِنْ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ قِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ قِصَّةَ أَهْلِ قُبَاءَ لَا حُجَّةَ فِيهَا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ حُكْمِ النَّاسِخِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعْذُورِينَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا أَخَلُّوا بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِمْ، وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ مَا إِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ جِهَتُهَا ; فَاجْتَهَدَ ; فَأَخْطَأَهَا، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ، وَإِنْ وَقَعَتْ جَمِيعُهَا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ; فَلَأَنْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ، مَعَ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ فِي جُزْءٍ مِنْهَا لِلْعُذْرِ، أَوْلَى.

قَوْلُهُ: «وَقُلْنَا: الْعِلْمُ شَرْطُ اللُّزُومِ ; فَلَا يَثْبُتُ دُونَهُ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا جَوَابٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>