للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ: بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْوُقُوعِ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لَا حُجَّةَ فِيهِمَا عَلَى الْوُقُوعِ، بَلِ النَّصُّ النَّبَوِيُّ فِيهِمَا بَيَانٌ لَا نَسْخٌ. فَآيَةُ الْوَصِيَّةِ نُسِخَتْ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ، وَأَكَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَسْخَهَا بِبَيَانِهِ، وَالْإِيضَاحِ عَنْهُ، وَلِهَذَا يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. فَكَانَ هَذَا بَيَانًا وَإِخْبَارًا عَنْ زَوَالِ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ، لَا نَسْخًا.

وَأَمَّا الْآيَةُ الْأُخْرَى ; فَالسَّبِيلُ مَذْكُورٌ فِيهَا، وَالْأَمْرُ فِيهَا مَغْيِيٌّ إِلَى حِينِ جَعْلِ السَّبِيلِ، فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُهُ، بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلِهَذَا قَالَ: خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. فَأَضَافَ جَعْلَ السَّبِيلِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَا إِلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ إِمْسَاكَهُنَّ فِي الْبُيُوتِ مَنْسُوخٌ، لَكَانَ إِضَافَةُ نَسْخِهِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النُّورِ: ٢] ، وَإِلَى آيَةِ الرَّجْمِ الَّتِي نُسِخَ لَفْظُهَا دُونَ حُكْمِهَا أَوْلَى، ثُمَّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ تَوَاتَرَا ; فَمِثَالُ الْخَصْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>