. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلُهُ: «إِذِ الظَّنُّ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْكُلِّ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْعَمَلِ، وَالِاسْتِدْلَالِ الشَّرْعِيِّ» . مَعْنَاهُ أَنَّ تَوَاتُرَ السُّنَّةِ وَآحَادَهَا يَشْتَرِكَانِ فِي إِفَادَةِ الظَّنِّ، وَإِنْ زَادَ التَّوَاتُرُ بِإِفَادَةِ الْقَطْعِ ; فَالظَّنُّ بَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْعَمَلِ الشَّرْعِيِّ، وَالِاسْتِدْلَالِ الشَّرْعِيِّ، أَيْ: يَكْفِي الظَّنُّ فِي أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا لِلْعَمَلِ وَالِاسْتِدْلَالِ شَرْعًا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنَاطَ ذَلِكَ غَلَبَةُ الظَّنِّ ; فَمَتَى حَصَلَ، وَجَبَ الْعَمَلُ، وَصَحَّ الِاسْتِدْلَالُ.
وَأَمَّا زِيَادَةُ الْقَطْعِ ; فَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، لِمَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَإِذَا كَانَ الظَّنُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ التَّوَاتُرِ وَالْآحَادِ، وَهُوَ كَافٍ فِي الْعَمَلِ، جَازَ أَنْ يَنْسَخَ الْآحَادُ الْمُتَوَاتِرَ وَيَكُونُ النَّسْخُ بِالْآحَادِ مُتَوَجِّهًا إِلَى مِقْدَارِ الظَّنِّ مِنَ التَّوَاتُرِ، لَا إِلَى جَمِيعِ مَا أَفَادَهُ مِنَ الْعِلْمِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا إِذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، تَقَاصَّا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ ; فَتَقْوَى الْخَمْسَةُ عَلَى رَفْعِ خَمْسَةٍ مِنَ الذِّمَّةِ، لَا عَلَى مَا زَادَ عَلَيْهَا.
وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ عَنَّا قَوْلُ الْخَصْمِ: إِنَّ الْكِتَابَ مُتَوَاتِرٌ قَطْعًا ; فَلَا يَرْتَفِعُ بِالْآحَادِ الْمَظْنُونَةِ ; لِأَنَّا نَقُولُ: مَا رَفَعْنَا الْقَطْعَ بِالظَّنِّ، وَإِنَّمَا رَفَعْنَا بِالظَّنِّ ظَنًّا مِثْلَهُ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ الْمَذْكُورُ ; فَلَيْسَ لَفْظُهُ: أَصَدَقَتْ أَمْ كَذَبَتْ؟ ، بَلْ كَمَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» : أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ؟ وَهُوَ مَا رَوَى مُغِيَرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute