للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَلَوْ قَالَ: هُوَ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَقُلْتَ: هُوَ أَيُّوبُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي الْعِيصِ نَبِيٌّ غَيْرَهُ.

وَلَوْ قَالَ لَكَ: هُوَ نَبِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ، أَوْ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، لَقُلْتَ: هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ رَأَيْتَ أَنَّ مَطْلُوبَكَ كُلَّمَا تَخَصَّصَ بِوَصْفٍ بَعْدَ وَصْفٍ قَرُبَ إِدْرَاكُهُ، وَقَلَّ الصِّنْفُ الَّذِي يَشْتَبِهُ بِهِ، لِخُرُوجِ غَيْرِهِ بِالْوَصْفِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْمَطْلُوبِ، فَهَذَا كَشَفَ الْقِنَاعَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الِاحْتِرَازِ.

الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ مَا ذُكِرَ مِنَ الِاحْتِرَازَاتِ فِي هَذَا الْحَدِّ.

قَوْلُهُ: «احْتَرَزَ بِالْأَحْكَامِ عَنِ الذَّوَاتِ» لِأَنَّ الْأَحْكَامَ هِيَ مَا عُرِفَ مِنَ الْوُجُوبِ وَالْحَظْرِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَالنَّدْبِ. وَالذَّوَاتُ: الْحَقَائِقُ، وَذَاتُ الشَّيْءِ: حَقِيقَتُهُ فِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ.

وَزَعَمَ ابْنُ الْخَشَّابِ فِي مَأْخَذِهِ عَلَى الْمَقَامَاتِ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ فِي اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ فِيهَا ذَاتٌ، بِمَعْنَى صَاحِبَةٍ، مُؤَنَّثُ ذُو، فَلَوْ قِيلَ: الْفِقْهُ: الْعِلْمُ بِالشَّرْعِيَّةِ، لَاحْتَمَلَ أَنَّ هُنَاكَ ذَوَاتٍ يَكُونُ الْعِلْمُ بِهَا فِقْهًا، فَلَمَّا قَالَ: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، انْتَفَى ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ.

قَوْلُهُ: «وَبِالشَّرْعِيَّةِ عَنِ الْعَقْلِيَّةِ» ، أَيْ: وَاحْتَرَزَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَنِ الْأَحْكَامِ الْعَقْلِيَّةِ، كَأَحْكَامِ الْفَلْسَفَةِ، مِنْ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْعَدَدِ وَالْمَقَادِيرِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>