. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إِذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ الْأَمْرِ ; فَيَقْتَضِي التَّكْرَارَ، أَوْ لَا ; فَلَا ; فَغَيْرُ مُؤَثِّرٌ ; لِأَنَّ تَكْرَارَ لَفْظِ الْأَمْرِ، إِنَّمَا يُفِيدُ التَّأْكِيدَ لُغَةً لَا التَّكْرَارَ.
قُلْتُ: وَقَدْ سَبَقَ أَنْ فَائِدَةَ التَّأْسِيسِ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ ; فَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
قَوْلُهُ: " لَنَا ": إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ حُجَّةُ عَدَمِ التَّكْرَارِ وَهِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ لَا دَلَالَةَ لَهَا " إِلَّا عَلَى مُجَرَّدِ إِدْخَالِ مَاهِيَّةِ الْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ " وَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى كَمِّيَّتِهِ، أَيْ: عَلَى مِقْدَارِهِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ. فَإِذَا قَالَ لَهُ: صَلِّ ; فَإِنَّمَا اقْتَضَى ذَلِكَ إِيقَاعَ حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ، لَا عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا مُطْلَقٍ، حَتَّى يَجِبَ لِأَجْلِهِ التَّكْرَارُ. وَحَقِيقَةُ الصَّلَاةِ تَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَيَخْرُجُ بِهَا عَنِ الْعُهْدَةِ ; فَلَا يَجِبُ مَا زَادَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ الْمُرَادُ بِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَمْرَ لَوِ اقْتَضَى التَّكْرَارَ، لَكَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: صَلِّ مَرَّةً، تَنَاقُضًا ; لِأَنَّ صَلِّ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَبِقَوْلِهِ: مَرَّةً، قَدْ نَقَضَ مُقْتَضَاهُ فِي التَّكْرَارِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: صَلِّ مِرَارًا، لَكَانَ تَكْرَارًا ; لِأَنَّ صَلِّ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ ; فَقَوْلُهُ: " مِرَارًا " ; لَمْ يُفِدْ فَائِدَةً زَائِدَةً ; فَكَانَ تَكْرَارًا، لَكِنَّ قَوْلَهُ: صَلِّ مَرَّةً أَوْ مِرَارًا ; لَيْسَ نَقْضًا وَلَا تَكْرَارًا ; فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ لِلتَّكْرَارِ.
قَوْلُهُ: " قَالُوا "، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِالتَّكْرَارِ، وَهِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّهْيَ نَقِيضُ الْأَمْرِ، ثُمَّ إِنَّ " النَّهْيَ يَقْتَضِي تَكْرَارَ التَّرْكِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute