للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالْقُعُودَ وَالِاضْطِجَاعَ ; أَضْدَادٌ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِهَا، فَإِذَا أُمِرَ بِالْقِيَامِ ; فَالْقُعُودُ ضِدٌّ لَهُ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ ضَرُورَةً، صَحَّ إِتْيَانُهُ بِالْقِيَامِ. فَإِذَا تَرَكَ الْقُعُودَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَسْجُدَ أَوْ يَرْكَعَ أَوْ يَضْطَجِعَ، وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ قَوْلُنَا: " فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الضِّدِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ "، وَهُوَ الْقُعُودُ هَاهُنَا، " فِعْلُ الضِّدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ " وَهُوَ الْقِيَامُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُهُمْ قَوْلُهُمْ: " الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ ; فَيَقْتَضِي تَكْرَارُ تَرْكِ الضِّدِّ " ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَنْفَعُهُمْ لَوْ كَانَ تَكْرَارُ تَرْكِ الضِّدِّ، وَهُوَ الْقُعُودُ مَثَلًا، يَسْتَلْزِمُ فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهُوَ الْقِيَامُ، لِيَكُونَ فِعْلُهُ مُتَكَرِّرًا. لَكِنْ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ لِجَوَازِ التَّلَبُّسِ بِالْوَاسِطَةِ كَمَا ذَكَرْنَا.

قَوْلُهُ: " وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ لَا يَتَمَشَّى "، هَذَا تَضْعِيفٌ لِهَذَا الْجَوَابِ الثَّانِي عَلَى تَقْرِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَهُوَ هَذَا الَّذِي قَدْ أَطَلْنَا فِيهِ آنِفًا. وَبَيَانُ ضَعْفِهِ أَنَّ قَوْلَنَا: " لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الضِّدِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِعْلُ الضِّدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ " ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ، إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدٍّ وَاحِدٍ مِنْ أَضْدَادِهِ بِحَيْثُ إِذَا كَانَ لَهُ أَضْدَادٌ يَكُونُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَاحِدًا مِنْهَا، وَتَبْقَى بَقِيَّةُ أَضْدَادِهِ يَجُوزُ التَّلَبُّسُ بِهَا فَتَكُونُ وَاسِطَةً بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ; الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا قَرَّرْنَا. لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلِ الصَّحِيحُ: الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ كَالْأَمْرِ بِالْقِيَامِ نَهْيٌ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ جَمِيعًا.

وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ هَذِهِ الْأَضْدَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، التَّلَبُّسُ بِالضِّدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ ; فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَكْرَارُ فِعْلِهِ بِوَاسِطَةِ وُجُوبِ تَكْرَارِ تَرْكِ أَضْدَادِهِ، وَحِينَئِذٍ يَسْلَمُ لَهُمْ دَلِيلُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: " الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ فَيَقْتَضِي تَكْرَارَ تَرْكِ الضِّدِّ "، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَكْرَارُ الْمَأْمُورِ بِهِ.

قُلْتُ: فَيُشْبِهُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ ذَوَاتِ الْجِهَتَيْنِ كَمَا سَبَقَ الْكَلَامُ فِيهِ مَعَ الْكَعْبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>