. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَقَالَ: تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ، أَفَأَصُومُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ ; فَقَالَ: لَسْتَ مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ; فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمُكُمْ بِمَا أَتَّقِي.
وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، مِثْلُ ذَلِكَ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِيهِ وَأُمَّتِهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْأَحْكَامِ، تَنَاوَلَهُ مَا تَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ، بِمُقْتَضَى التَّسَاوِي.
قَوْلُهُ: «قَالُوا: أَمْرُ السَّيِّدِ بَعْضَ عَبِيدِهِ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ التَّعْمِيمِ إِلَّا لِدَلِيلٍ، وَهُوَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ السَّيِّدَ إِذَا أَمَرَ بَعْضَ عَبِيدِهِ، اخْتَصَّ مُوجِبُ الْأَمْرِ بِهِ، دُونَ غَيْرِهِ مِنْهُمْ، فِي حُكْمِ اللُّغَةِ ; فَكَذَلِكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ عَبِيدِهِ، لَا يَتَجَاوَزُ أَمْرُهُ لِبَعْضِهِمْ إِلَى غَيْرِهِ كَذَلِكَ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَمَرَ بِعِبَادَةٍ، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، لَا يَتَنَاوَلُ الْأَمْرُ بِمُطْلَقِهِ عِبَادَةً أُخْرَى غَيْرَهَا ; فَكَذَلِكَ إِذَا أَمَرَ عَبْدًا، لَا يَتَنَاوَلُ الْأَمْرُ بِمُطْلَقِهِ عَبْدًا آخَرَ غَيْرَهُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ لَفْظَ الْعُمُومِ لَا يُفِيدُ الْخُصُوصَ بِمُطْلَقِهِ، وَلَا يُحْمَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute