للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الْأَعْرَافِ: ١٨٧] ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} [طه: ١٥] ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْقُرَّاءِ، أَيْ: أُظْهِرُهَا، وَإِذَا كَانَ مَعْنَى إِيجَادِ الْمَعْدُومِ عِنْدَهُمْ هُوَ إِظْهَارُ أَشْيَاءَ بَعْدَ خَفَائِهَا ; فَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ الْأَزَلِيِّ إِلَى تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، بِشَرْطِ ظُهُورِهَا وَتَأَهُّلِهَا لِلِامْتِثَالِ، هَذَا مِمَّا لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَهُوَ لَازِمٌ لِمَنْ قَالَ بِهِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، عَلَى مَا حَكَيْتُهُ عَنْهُمْ فِي كِتَابِ إِبْطَالِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ.

قَوْلُهُ: «وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ عُرْفِيٌّ عَلَى الْجَوَازِ، وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجُوزُ أَنْ يُخَاطِبَ وَلَدًا يَتَوَقَّعُ وُجُودَهُ، مِثْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ، أَوْ غَيْبَةٌ طَوِيلَةٌ وَلَهُ حَمْلٌ ; فَيَكْتُبُ لَهُ كِتَابًا يُخَاطِبُهُ بِهِ، بِتَقْدِيرِ وِلَادَتِهِ، يَقُولُ فِيهِ: يَا بُنَيَّ تَعَلَّمِ الْعِلْمَ ; فَإِنَّهُ يُزَيِّنُكَ، وَاحْذَرِ الْجَهْلَ ; فَإِنَّهُ يَشِينُكَ، وَحَافِظْ عَلَى التَّقْوَى ; فَإِنَّهَا تُنْجِيكَ مِمَّا تَحْذَرُ، وَلَا تَعْذُرْ نَفْسَكَ فِي مُوَاقَعَةِ الدَّنَاءَةِ ; فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا يَعِظُ بِهِ الْوَالِدُ وَلَدَهُ «وَلَا يُعَدُّ سَفِيهًا» بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: خَاطَبْتَ مَعْدُومًا ; فَكَذَلِكَ الْمُكَلَّفُ مَعَ الشَّرْعِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>