للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ كلَّ شهرٍ يأتي يَحتمل أن يَكون شهرَ وقوعِ الطَّلاقِ، جزَم به بعضُ الأصحابِ (١).

(فَإِنْ قَدِمَ) زيدٌ (بَعْدَ شَهْرٍ) مِنْ حينِ التَّعليقِ، (وَ) بعدَ (جُزْءٍ يَتَّسِعُ لَهُ) أي: يَتَّسع لإيقاعِ الطَّلاقِ فيه؛ (وَقَعَ) أي: تَبيَّنَّا وقوعَه؛ لوجودِ الصِّفةِ (٢)، (وَإِلَّا)، بأنْ قَدِم زيدٌ قبلَ مُضيِّ الشَّهرِ أو معه؛ (فَلَا) تَطلُق؛ كقوله: «أنتِ طالقٌ أمسِ».

(وَ) إن قال لزوجتِه: («أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ طِرْتِ»، أَوْ «صَعِدْتِ السَّمَاءَ»، وَنَحْوَهُ) مِنْ المستحيل؛ ك «إن قلَبتِ الحجرَ ذهبًا»؛ (لَمْ تَطْلُقْ)؛ لأنه علَّق الطلاقَ بصفةٍ لم تُوجد.

(وَعَكْسُهُ) إن قال لها: «أنتِ طالقٌ (لَا طِرْتِ»، أَوْ «لَا صَعِدْتِ السَّماءَ»، وَنَحْوَهُ)؛ ك «لا قلَبتِ الحجرَ ذهبًا»؛ فتَطلقُ في الحال؛ لأنَّه علَّق الطَّلاقَ على عدمِ المستحيلِ، وعدمُه ثابتٌ في الحال.

وعتقٌ، وظِهارٌ، ويمينٌ بالله تَعالى؛ كطلاقٍ في ذلك.

(وَ) قوله لزوجتِه: («أَنْتِ طَالِقٌ اليَوْمَ إِذَا جَاءَ الغَدُ»)؛ كلامٌ (لَغْوٌ) لا يَقع به شيءٌ؛ لأنَّ الغدَ لا يأتي في اليوم بعدَ ذهابِه.

(وَ) إن قال لزوجتِه: («أَنْتِ طَالِقٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ»، أَوْ) «في هذا (اليَوْمِ»؛


(١) كتب على هامش (ب): أقول: لعلَّ هذا فيما إذا احتمل قدوم زيد في كلِّ شهر احتمالًا قويًّا أو مساويًا لعدمه، وأمَّا إذا كان الظاهر عدم قدومه إلّا في مدَّة تزيد على الشهر؛ كأن يكون في بلد بعيد لا يحتمل قدومه عادة إلّا بعد أربعة أشهر مثلًا، وكمن علَّق الصفة في شوَّال مثلًا، وكان زيد قد سافر إلى [الحج]، فالظاهر لا يمتنع من وطء زوجته إلّا في محرم فقط، في نحو ديرة الشام؛ عملًا بالعادة والقرينة المستمرَّة، وهذا ظاهر، والله أعلم. سفاريني.
(٢) كتب على هامش (ع): فإن كان قد وطئ فيه؛ فهو محرم ولها المهر، والله أعلم. [العلامة السفاريني].

<<  <  ج: ص:  >  >>