للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَترك نفقةً، ولم تَقدِر له على مالٍ (١)، (وَ) تَعذَّرَت (الاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ)، ولو مُوسِرًا؛ (فَلَهَا الفَسْخُ بِ) إذنِ (حَاكِمٍ)، فيَفسخ الحاكمُ بطلبِها، أو تَفسخ بأمره.

(فصل)

في نفقةِ الأقاربِ والمماليكِ والبَهائمِ

(تَجِبُ) النفقةُ كاملةً إذا كان المنفَقُ عليه لا يَملك شيئًا، ولم يَكُنْ مع المنفِقِ مَنْ يَشرَكُه (٢) في الإنفاق (لِأَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا)؛ لقولِه تَعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، والإنفاقُ عليهما مِنْ الإحسان.

(وَ) تَجِب النَّفقةُ أو تتمَّتُها ل (وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ)، ذكرًا كان أو أُنثى؛ لقولِه تَعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.


(١) كتب في هامش (أ): عبارة «منتهى الإرادات» وشرحه: أو غاب موسر، يعني: عن زوجته، (وتعذرت نفقته) عليها، بأن لم يترك لها ما تنفقه على نفسها، ولم تقدر له على مال، ولا أمكنها تحصيل نفقتها (باستدانة) عليه (ولا غيرها؛ فلها الفسخ) في الأصح. هذا المذهبُ، قال في «الإنصاف»: هذا المذهب، جزم به في «الوجيز»، و «النظم»، و «منتخب الأدمي»، و «تذكرة ابن عبدوس»، وغيرهم، وقدمه في «المغني»، و «الشرح»، و «الفروع»، وغيرهم، وقال القاضي: لا تملك الفسخ إلا إذا ثبت إعساره؛ لأن الفسخ ثبت لعيب الإعسار، فإذا لم يثبت الإعسار لم يملك الفسخ، ووجه المذهب: أن الإنفاق عليها من ماله متعذر، فكان لها الخيار؛ كحال الإعسار بل هذا أولى بالفسخ، فإنه إذا جاز الفسخ بالعنة فعلى غيره أولى، ولأن في الصبر ضررًا أمكن إزالته بالفسخ، فوجب إزالته دفعًا للضرر، ولأن غيبته نوع تعذر، فلم يفترق الحال بين الموسر والمعسر، كأداء ثمن المبيع فإنه لا فرق في جواز الفسخ بين أن يكون المشتري معسرًا وبين أن يهرب قبل أداء الثمن مع يساره، ولا يصح الفسخ بذلك كله بلا حكم حاكم، فيُفسخ بطلبها، أو يفسخ بأمره، [يعني أن] كل فسخ جاز للمرأة بسبب النفقة، لم يجز إلا بحكم حاكم؛ لأنه فسخ مختلف فيه، فافتقر إلى حكم حاكم، كالفسخ بالعنة، وإنما لم يجز الحكم إلا بطلبها؛ لأنه لحقها، فلم يجز إلا بطلبها؛ كالفسخ بالعنة، فإذا فرق الحاكم بينهما؛ فهو فسخ لا رجعة فيه؛ لأنها فرقة لعجزه عن الواجب عليه، أشبهت فرقة العنة.
(٢) كتب على هامش (أ): بفتح الراء، أي: يشاركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>