للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآنَ، وهو خبرٌ بمَعنى النَّهي.

ورُدَّ: بأنَّ المرادَ: اللَّوحُ المحفوظُ، والمطهَّرون: الملائكةُ؛ لأنَّ المطهَّر مَنْ طهَّره غيرُه، ولو أُريد بَنو آدمَ لقِيل: المتطهِّرون.

والجوابُ: أنَّ بَني آدمَ على قياسِهم، بدليلِ حديثِ ابنِ عمرَ: أنَّ النبيَّ كتَب إلى أهلِ اليمنِ كتابًا، وكان فيه: «لا يَمَسُّ القرآنَ إلّا طاهرٌ»، قال الأثرمُ: احتجَّ به أحمدُ، ورَواه مالكٌ مُرسَلًا (١).

لكن إنَّما يَحرُم المسُّ إذا كان (بِلَا حَائِلٍ)؛ لأنَّ النَّهي إنَّما ورَد عن مَسِّه، ومع الحائلِ إنَّما يَكون المسُّ له دونَ المصحفِ.

(وَلَهُ) أي: للمحدِثِ (حَمْلُهُ) أي: المصحفِ (بِلَا مَسٍّ)؛ كحَملِه بعِلاقةٍ، وفي كِيسٍ وكُمٍّ، (وَ) لمحدِثٍ (تَصَفُّحُهُ) أي: تقليبُ أوراقِه (٢) (بِكُمِّهِ، وَبِ) نحوِ (عُودٍ)، ولا فرقَ في ذلك بينَ الصَّغيرِ والكبيرِ، لكن لصغيرٍ مسُّ لَوحٍ فيه قرآنٌ، ولا يَجوز لوَليِّه تَمكينُه مِنْ مسِّ المحلِّ المكتوبِ فيه.

ويَجوز لمحدِثٍ مسُّ تفسيرٍ ولو قلَّ، ورسائلَ فيها قرآنٌ، ومنسوخٍ تلاوتُه.

فإن رفَع الحدثَ عن بعضِ أعضاءِ الوضوءِ؛ لم يَجُز مسُّ المصحفِ به قبلَ كمالِ الطَّهارةِ، ولو قلنا: يَرتفع الحدثُ عنه، وفيه وجهان، قال في «الإنصاف» (٣): الذي يَظهر أنَّ ذلك مُراعًى، فإن أَكمَله؛ ارتفَع، وإلَّا فلا.


(١) أخرجه مالك في الموطأ برواية أبي مصعب (٢٣٤)، وأبو داود في المراسيل (٩٢)، والدارقطني (٤٣٥)، وكتاب عمرو بن حزم مشهور عند أهل العلم، تلقوه بالقبول، ينظر: التمهيد لابن عبد البر ١٧/ ٣٩٦، البدر المنير ٢/ ٤٤٩، الإرواء ١/ ١٥٨.
(٢) قوله: (أي تقليب أوراقه) هو في (س) بعد قوله: (عود).
(٣) ينظر: الإنصاف ٢/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>