للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ نَوَى) مسافرٌ (إِقَامَةً) مطلَقةً، أو (فَوْقَ عِشْرِينَ صَلَاةً)، ولو في نحوِ مَفازةٍ؛ (لَزِمَهُ الإِتْمَامُ)، وإلَّا فلَه القصرُ؛ لأنَّ الذي تَحقَّق (١): أنَّه أَقام بمكَّةَ أربعةَ أيَّامٍ؛ لأنَّه كان حاجًّا، ودخَل مكَّةَ صَبيحةَ رابعةِ ذي الحجَّةِ، والحاجُّ لا يَخرج قبلَ يومِ التَّرويةِ (٢)، قال الأثرمُ: سمعتُ أبا عبدِ اللهِ يَذكر حديثَ أنسٍ، أي قولَه: «أَقَمْنا بمكَّةَ عشرًا نَقصر الصَّلاةَ» متَّفق عليه (٣)، ويَقول أي: الإمامُ أحمدُ : (هو كلامٌ ليس يَفقهه كلُّ أحدٍ) (٤)، أي: لأنَّه (٥) حسَب مُقامَ النبيِّ بمكَّةَ ومِنًى.

ويُحسَب يومُ الدخولِ ويومُ الخروجِ مِنْ المدَّةِ.

(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أي: لبلدٍ قصدَه (طَرِيقَانِ)، أبعدُهما يَبلغ المسافةَ، والأقربُ لا يَبلغها، (فَسَلَكَ أَبْعَدَهُمَا) الذي يَبلغ المسافةَ؛ فلَه القصرُ، كما لو لم يَكُنْ له سِواها، أو كان الأقربُ مخوفًا، أو مُشِقًّا (٦).


(١) كتب على هامش (ع): قوله: (لأن الذي تحقق … ) إلخ، هو جواب عن سؤال مقدر، وتوجيهه: لم منعتم القصر إذا نوى إقامة فوق عشرين صلاة، فحديث أنس يقتضي أنه مع هذه النية يقصر؛ لأنه قال: «أقمنا بمكة عشرًا نقصر الصلاة». فأجاب عنه: بأن مراد أنس مدة إقامة النبي بمكة، وهو من يوم الدخول الذي هو الثامن، فهذه أربع مع إقامته بمنى فالجميع عشرة أيام، فيكون مدة إقامته بمكة أربعة أيام فقط، فلا يخالف ذلك ما اختاره الإمام أحمد من أنه إذا زاد على العشرة أتم، لكن المصنف كغيره لم يتعرض لتعليل لزوم الإتمام إذا زاد على العشرين صلاة كما ترى، والله أعلم. [العلامة السفاريني].
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٠٥)، ومسلم (١٢١٣)، من حديث جابر بن عبد الله .
(٣) أخرجه البخاري (١٠٨١)، ومسلم (٦٩٣).
(٤) ينظر: المغني ٢/ ٢١٣.
(٥) كتب على هامش (س): قوله: (لأنَّه) أي: أنس، وقوله: (ويحسب) كلام مستأنف لا تعلق له بالحديث. انتهى تقرير المؤلف.
(٦) كتب على هامش (ب) قوله: (مشقًّا) قال في الإنصاف: هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وقطع به كثير منهم. اه. وقيل: لا يقصر إلا أن يسلكه لغرض في سلوكه سِوى القصر. مصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>