للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوِ) اشتَرى (رُطَبًا عَرِيَّةً)، وتَقدَّمَت صورتُها في الرِّبا، (وَتَرَكَهُ) أي: الرُّطَبَ (حَتَّى أَتْمَرَ (١)) أي: صار تمرًا؛ (بَطَلَ البَيْعُ)؛ لأنَّه إنَّما جاز للحاجةِ إلى أكلِ الرُّطَبِ، فإذا أَتمَر تَبيَّنَّا عدمَ الحاجةِ، سواءٌ كان التَّركُ لعذرٍ أو لا.

و (لَا) يَبطل البيعُ (إِنْ حَدَثَ مَعَ) ثمرةٍ (مُشْتَرَاةٍ بَعْدَ) بدوِّ (صَلَاحِهَا ثَمَرَةٌ)، فاعلُ «حدَثَ»، (أُخْرَى) غيرُ الأُولى، (وَلَوِ اشْتَبَهَتْ) فلَم تَتميَّز الحادثةُ، (وَيَصْطَلِحَانِ) أي: المشتري المالكُ للثَّمرةِ المُشتراةِ والبائعُ المالكُ للحادثةِ، أَشبَه ما لو اشتَرى صُبرةً، واختَلطَت بغيرِها، ولم يُعرف قَدْرُ كلٍّ منهما، والفرقُ بينَ هذه وما قبلَها أنَّ ذاك (٢) قد يُتَّخذ حيلةً على المحرَّم.

(وَمَا بَدَا) أي: ظهَر (صَلَاحُهُ) مِنْ ثمرٍ، أو اشتدَّ حبُّه مِنْ زرعٍ: (جَازَ بَيْعُهُ مُطْلَقًا) أي: مِنْ غيرِ شرطٍ، (وَ) جاز بيعُه (بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ) أي: تبقيةِ الثَّمرِ إلى الجَذاذ، والزَّرعِ إلى الحصاد؛ لأَمنِ العاهةِ ببُدوِّ الصَّلاحِ والاشتدادِ.

(وَعَلَى بَائِعٍ سَقْيُهُ) أي: الثَّمرِ بسَقيِ شجرِه (إِنِ احْتَاجَهُ) أي: السَّقيَ، وكذا لو لم يَحتج إليه (٣)، فلا مفهومَ للقيدِ؛ لأنَّه يَجب عليه تسليمُه كاملًا، فلَزِمه سَقيُه


(١) في (د): أثمر.
(٢) في (أ) و (ع): ذلك.
(٣) كتب على هامش (ع): قوله: (وكذا لو لم يحتج إليه) كذا في «شرح المنتهى»، وفي «شرح الإقناع» بعد قول المتن: (ويلزم البائع سقيه) التقييد بذلك، فقال: (إن احتاج إليه)، وقيده بذلك في متن «زاد المستقنع» أيضًا، وقال م ص في شرحه عليه: (وكذا لو لم يحتج إليه)، ففي كلام م ص اضطراب باعتبار ما ذكره في هذا الموضع كما ترى، والشارح اعتمد الوجوب مطلقًا، وفيه نظر، والأظهر والله أعلم: أنه إن فسرت الحاجة بما يضر تركها، مع إمكان نفع الثمرة بالسقي، وكون الثمرة لا تتضرر بعدم السقي؛ فيتجه فيه ما قاله الشارح، وإن فسرت الحاجة بما يحصل به نفع الثمرة مع عدم الضرر بالترك، بل قد يوجد في الأراضي المقدسة في بعض الثمر أنها لا مصلحة له في السقي؛ فيتجه حينئذ ما ذكره في المتن تبعًا للحجاوي، والظاهر أن مراد من قيَّد بالحاجة هذا [المعنى]، ومراد من أطلق المعنى الأول، فقولهم: (لو لم يحتج إليه): ولو لم يحصل للثمرة ضرر بترك السقي مع [حصول] النفع، وقولهم: (إن احتاج إليه) يعني حيث حصل للثمرة نفع من السقي؛ لا إن لم يكن فيه مصلحة ولا نفع للثمرة؛ بأن كان السقي وعدمه سواء، أو كان السقي يضر بالثمرة، وبهذا يجمع بين ما ظاهره التعارض من كلامهم، والله تعالى أعلم. [العلامة السفاريني].

<<  <  ج: ص:  >  >>