للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشارَ إلى القِسمِ الثاني، وهو صلحُ الإنكارِ بقوله: (وَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ، فَسَكَتَ) المدَّعى عليه، (أَوْ أَنْكَرَ، وَهُوَ) أي: والحالُ أنَّ المدَّعى عليه (يَجْهَلُهُ) أي: يَجهل ما ادُّعي به عليه، (فَصَالَحَهُ) عنه بمالٍ حالٍّ أو مؤجَّلٍ؛ (صَحَّ) الصُّلحُ؛ لعمومِ قولِه : «الصُّلحُ جائزٌ بينَ المسلمين، إلَّا صلحًا حرَّمَ حلالًا، أو أَحلَّ حرامًا» رَواه أبو داودَ والتِّرمذيُّ، وقال: حسنٌ صحيحٌ، وصحَّحه الحاكمُ (١).

ومَن ادُّعِيَ عليه بوديعةٍ، أو تفريطٍ فيها، أو قرضٍ، فأَنكَر، وصالَح على مالٍ؛ فهو جائزٌ (٢)، ذكَره في «الشَّرح» وغيرِه (٣).

وصُلحُ الإنكارِ في حقِّ مدَّعٍ: بيعٌ، يُردُّ بعيبٍ فيما أخَذه، ويُفسخ الصُّلحُ، ويُؤخذ منه بشُفعةٍ (٤) إن كان العِوَضُ مشفوعًا (٥).

وفي حقِّ منكِرٍ: إبراءٌ؛ لأنَّه افتَدَى بيَمينه (٦)، فلا ردَّ له ولا شُفعةَ (٧).


(١) أخرجه أحمد (٨٧٨٤)، وأبو داود (٣٥٩٤)، وابن الجارود (٦٣٧)، والدارقطني (٢٨٩٠)، والحاكم (٢٣٠٩)، عن أبي هريرة مرفوعًا. وأخرجه الترمذي (١٣٥٢)، وابن ماجه (٢٣٥٣)، والدارقطني (٢٨٩٢)، والحاكم (٧٠٥٩)، من حديث عمرو بن عوف . وفي الباب شواهد من حديث عائشة وأنس وابن عمر ورافع بن خديج ، وكلها لا تخلو من مقال، والحديث ضعفه الذهبي وغيره، وصححه الترمذي والألباني. ينظر: نصب الراية ٤/ ١١٢، تغليق التعليق ٣/ ٢٨١، إرواء الغليل ٥/ ١٤٢.
(٢) كتب على هامش (س): قوله: (فهو جائز) انظر ما معنى الجواز فيه، مع أن أحدهما غير محق. انتهى، قلت: هو بمعنى الصِّحَّة، أي: ظاهر، كما سيذكر في المتن بعده. انتهى.
(٣) ينظر: الشرح الكبير ١٣/ ١٥٥.
(٤) في (د): شفعة.
(٥) زيد في (د): كشقص من دار.
(٦) في (د): يمينه.
(٧) كتب على هامش (ع): قوله: (فلا رد له ولا شفعة) كأن يدَّعي زيد على عمرو شقصًا من دار مشفوعة مثلًا فينكر، ثم يصالحه عمرو عن هذا الشقص بمال معلوم، فإن الصلح صحيح، ولا يرد عمرو هذا الشقص المصالح عنه على زيد بعيب، ولا يأخذه شريك عمرو منه بعد الصلح بالشفعة؛ لأن الصلح بالنسبة إليه ليس بيعًا، وهذه الأشياء تتفرع على البيع، بخلاف ما إذا كان الصلح صلح إقرار، فيجري ذلك كله فيه؛ لأنه بيع بالنسبة إليهما، والله تعالى أعلم. [العلامة السفاريني].

<<  <  ج: ص:  >  >>