للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ النبيَّ قال: «الذي يَشرب في آنيةِ الذَّهبِ والفضَّةِ إنَّما يُجَرجِرُ في بطنِه نارَ جهنَّم» متَّفق عليهما (١)، والجَرجَرةُ: صوتُ وقوعِ الماءِ بانحِدارِه في الجَوف.

وغيرُ الأكلِ والشُّربِ في معناهما؛ لأنَّ ذِكرَهما خرَج مَخرجَ الغالبِ، فلا يَتقيَّد الحكمُ به.

(وَ) غير (نَحْوِ مَطْلِيٍّ)، على وزنِ «مرمِيٍّ» بتشديدِ الياءِ، اسمُ مفعولٍ، (بِهِمَا) أي: بالذَّهبِ والفضَّةِ، أو بأحدِهما (٢)، والطِّلاءُ: أن يُجعل الذَّهبُ أو الفضَّةُ كالورقِ ويُطلَى به الإناءُ.

ونحوُ المطليِّ: المُموَّهُ، بأن يُذاب الذَّهبُ أو الفضَّةُ، ويُلقى فيه الإناءُ مِنْ نُحاسٍ ونحوِه فيَكتسب مِنْ لَونِه، والمُطعَّمُ والمُكْفَتُ.

فيَحرم ذلك كلُّه؛ لِما روَى ابنُ عمرَ : أنَّ النبيَّ قال: «مَنْ شَرِب مِنْ إناءِ ذهبٍ أو فضَّةٍ، أو مِنْ إناءٍ فيه شيءٌ مِنْ ذلك؛ فإنَّما يُجَرجِرُ في بطنِه نارَ جهنَّمَ» رَواه الدارَقُطنيُّ (٣).

(إِلَّا) إناءً (مُضَبَّبًا بِيَسِيرٍ) عُرفًا (مِنْ فِضَّةٍ لِحَاجَةِ) الإناءِ (٤)، وهي أن يَتعلَّق بها غرضٌ غيرُ الزِّينةِ، ولو وُجد غيرُها، كما لو انكسَر الإناءُ، فيُباح اتِّخاذُ الضَّبَّةِ المذكورةِ إِذَن واستعمالُها؛ لحديثِ أنسٍ : «أنَّ قَدَحَ النَّبيِّ انكسرَ، فاتَّخَذ


(١) أخرجه البخاري (٥٦٣٤)، ومسلم (٢٠٦٥)، وليس عند البخاري ذكر الذهب.
(٢) قوله: (أو بأحدهما) سقط من (س).
(٣) أخرجه الدارقطني (٩٦)، وقال: (إسناده حسن)، ورجح البيهقي وقفه، وضعفه ابن القطان، وابن تيمية، والذهبي. ينظر: علل ابن أبي حاتم (٤٣)، السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٢٩، بيان الوهم والإيهام ٤/ ٦٠٧٦٠٨، مجموع الفتاوى لابن تيمية ٢١/ ٨٥، ميزان الاعتدال ٤/ ٤٠٦.
(٤) كتب على هامش (ع): وتكره مباشرتها في محل الشرب إلا لحاجة، فإن احتاج بأن كان الماء يتدفق، أو شرب من غير جهتها ونحوه لا يكره؛ دفعًا للحرج. ش. منتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>