للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب: أن المراد من الاستقالة: فسخ البيع بحكم الخيار، وغاية ما في الباب: استعمال المجاز في لفظ الاستقالة، وجاز المصير إليه إذا دل الدليل عليه؛ من حيث إنه علقه على التفرق، فإذا حملناه على خيار الفسخ، صح تعليقه على التفرق؛ لأن الخيار يتفرع بالتفريق، وإذا حملناه على الاستقالة، وهي لا تتوقف على التفرق، فلا اختصاص لها بالمحل، ومن حيث إنَّا إذا حملناه على خيار الفسخ، فالتفرق مبطل له قهرًا، فيناسب المنع من التفرق المبطل للخيار على صاحبه، أما إذا حملناه على الإقالة الحقيقية، فمعلوم أنه لا يحرم على الرجل أن يفارق صاحبه خوف الإقالة.

السادس من العذر عن الحديث:

تأويله يحمل المتبايعين على المتساومين؛ لمصير حالهما إلى البيع، وحمل الخيار على خيار القبول.

والجواب: أن تسمية المتبايعين بالمتساومين لمصير حالهما إلى البيع مجاز، واعترض عليه بأن تسميتهما متبايعين بعد الفراغ من البيع مجاز أيضًا، فَلِمَ قلتم: إن الحمل على هذا المجاز أولى؟.

وأجيب عنه: بأنه إذا صدر البيع، فقد وجدت الحقيقة، فصار هذا المجاز أقرب إليها من مجاز لم يوجد حقيقته أصلًا عند إطلاقه، وهو المتساومان.

السابع من العذر عن الحديث:

حمل التفرق بالأقوال، وقد عهد ذلك شرعًا في النكاح في قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: ١٣٠].

وأجيب عنه: بأنه خلاف الظاهر؛ فإن السابق إلى الفهم التفرق عن المكان، و -أيضًا- فقد ورد في رواية قد ذكرها المصنف وغيره: "ما لم يتفرقا عن مكانهما"، وذلك صريح في المقصود، وربما اعترض على الأول: بأن حقيقة التفرق لا تختص بالمكان، بل هي عائدة الى ما كان الاجتماع فيه، وإذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>