عليه، فليكن للمشتري، ولا يرد له بدلًا، لكن الصواب الرد؛ للحديث؛ إذ هو خاص لمعنى أن اللبن بعض المبيع، وليس من الغلة الحاصلة في يد المشتري، بل كان موجودًا عند البائع، وفي حال العقد، ووقع العقد عليه وعلى الشاة جميعًا، فهما مبيعان بثمن واحد، وتعذر اللبن؛ لاختلاطه بما حدث في ملك المشتري، فوجب رد عوضه، ثم لو سلم أنَّ اللبن غلة، لكان الخراج بالضمان عامًّا، والخاص يقضي على العام؛ على ما تقرر في أصول الفقه وغيره، والله أعلم.
ورد الصاع من التمر مع الشاة يقتضي تصريحه ذلك، لكن يلزم منه عدم رد اللبن، سواء كان باقيًا أو تالفًا، لكن قال أصحاب الشافعي: لو كان اللبن باقيًا، وأراد أن يرده على البائع، هل يلزمه قبوله؟ وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه أقرب إلى مستحقه.
والثاني: لا؛ لأن طراوته ذهبت، فلا يلزمه قبولها، لكن اتباع لفظ الحديث أولى في تعيين الرد فيما نص عليه.
وزاد المالكية على ما قاله الشافعية، فقالوا: لو رضي البائع باللبن، هل يجوز له ذلك؟ فيه قولان، ووجهوا المنع؛ بأنه بيع للطعام قبل قبضه؛ من حيث إنه وجب له الصَّاع بمقتضى الحديث، فكأنه باعه اللبن قبل قبضه، وهو لا يجوز، ووجهوا الجواز بأنه بدل ليس بيعًا، بناء على عادتهم في اتباع المعاني دون اعتبار الألفاظ، ثم جنس التمر في المردود، و [هو] معتبر دون غيره من الأقوات، وهو الصواب؛ للنص عليه، كيف وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"وَصَاعًا مِنَ تَمْرِ لا سمراء"، وهي الحنطة، ومن العلماء من عداه إلى سائر الأقوات، ومنهم من عداه إلى غالب قوت البلد، والحديث رادٌّ عليهما، خصوصًا إن كانت السمراء غالب قوت أهل المدينة، دالٌّ على فساد قولهما، ثم تعيين الصاع مقدرًا في رده مطلقًا، سواء قل اللبن أو كثر، ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان: