مع جواز بيع الكتابة، ويكون قد ذهب إلى الجمع بين هذين ذاهب واحد معين.
الثالث عشر: صحة شرط العتق في البيع، ولا يفسد الشرط، إلا إذا قلنا بصحة البيع، وفيه قولان للشافعي؛ أصحهما: الصحة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر إلا اشتراط الولاء، ولم يقع الانكار إلا للثاني، وهو عدم الولاء لمن أعتق، فينبغي أن يكون اشتراط العتق صحيحًا؛ لكونه مقررًا عليه، أو يكون مأخوذًا من لفظ الحديث؛ فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اشتَرِطي لَهُمُ الوَلاَءَ" من اشتراط الولاء من ضرورته اشتراط العتق، فيكون من لوازم اللفظ، لا من مجرد التقرير، ومعنى صحة العتق: أنه يلزم الوفاء به من جهة المشتري، فإن امتنع، فهل يجبر عليه؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي، وإذا قلنا: لا يجبر، أثبتنا الخيار للبائع.
الرابع عشر: صحة اشتراط الولاء للبائع، وهو ظاهر الحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "واشتَرطِي لَهُم الوَلاَء"، ولا يأذن - صلى الله عليه وسلم - في عقد باطل، وإذا صح العقد، فهل يفسد الشرط؟ فيه اختلاف في مذهب الشافعي، والقول ببطلانه موافق لألفاظ الحديث وسياقه، وموافق -أيضًا- للقياس من وجه، وهو أن القياس يقتضي أن الأثر مختص بمن صدر منه السبب، والولاء من آثار العتق، فيختص بمن صدر منه، وهو المشتري المعتق، وتقدم الكلام على الاشكال في الأمر باشتراط الولاء مع عدم إمضاء حكمه إلا لمن أعتق، والله أعلم.
قال العلماء: الشرط في البيع ونحوه أقسام:
أحدها: شرط يقتضيه العقد عند إطلاقه؛ كتسليم المبيع إلى المشتري، أو تبقية الثمرة على الشجر إلى أوان الجِداد، أو الرد بالعيب.
الثاني: شَرْط فيه مصلحة، وتدعو إليه حاجة؛ كاشتراط الرهن، والضمين، والخيار، وتأجيل الثمن، ونحو ذلك، فهذان القسمان جائزان، ولا يؤثران في صحة العقد، بلا خلاف.
الثالث: اشتراط العتق في العبد المبيع أو الأمة، وهو جائز عند الجمهور؛ لهذا الحديث، وترغيبًا في العتق لقوته وشرايته.