للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه: "وَلَا يَرِثُني إلَّا ابنةٌ": قال شيخنا الإمام أبو زكريا النووي - رحمه الله -: هذه البنت اسمُها عائشة، ولم يكن لسعد ذلك الوقت ولد إلَّا هذه البنت، ثم عوفي من ذلك المرض، ورُزق أولادًا كثيرين، ومعناه: لا يرثني من الولد، وخواص الورثة، وإلا فقد كان له عَصَبة، وقيل معناه: لا يرثني من أصحاب الفروض (١).

وقولُه: "الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثيِرٌ"؛ أما الثلث الأول: فقال القاضي عياض: يجوز نصبه ورفعه، فالنصب على الإغراء، وعلي تقدير فعل؛ أي: أعطِ الثلث، وأمَّا الرفع: فعلى أنه فاعل؛ أي: يكفيك الثلثُ، أو على أنه مبتدأ خبره محذوف، أو خبر محذوف الابتداء (٢).

وأَمَّا قولُه: "كَثيِرٌ"؛ فوقع في بعض الروايات بالمثلثة، وفي بعضها بالموحدة، وكلاهما صحيح.

وقولُه: "أفَأَتصَدَّقُ بِثُلُثَي مَالِي؟ " يحتمل أنه أراد بالصدقة: الوصيةَ، ويحتمل أنه أراد الصدقةَ المنجزة، وهما عند العلماء كافة سواء، لا ينفذ ما زاد على الثلث، إلَّا برضاء الوارث. وخالف أهل الظاهر، فقالوا: للمريض مرض الموت أن يتصدَّق بكلِّ ماله، ويتبرع به؛ كالصحيح، لكنه مرجوح بظاهر قوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "الثلث، والثلث كثير"، مع حديث الذي أعتق في مرضه ستة أعبد؛ فأعتق - صلى الله عليه وسلم - اثنين، وأرقَّ أربعة (٣).

قولُه - صَلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِياءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتكفَّفُونَ النَّاسَ".

أَمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مِنْ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتكَ"؛ فهو بفتح الهمزة وكسرها، وكلاهما


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ٧٦).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(٣) رواه مسلم (١٦٦٨)، كتاب: الأيمان، باب: من أعتق شركًا له في عبد، عن عمران بن حصين - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>