للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال شيخنا الإمام أبو الفتح بن دقيق العيد - رحمه الله -: فيه وجهان:

أحدهما: أن تكون شبهته بذلك لصغره.

والثاني: أن تكون شبهته لاسترخائه وعدم انتشاره، والله أعلم (١).

وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَحِبيِّنَ أَنْ تَرْجِعي إلَى رِفَاعَةَ؟ " لما ذكرت زوجها عبدَ الرحمن بنَ الزبير، وما يتعلق به من هدبة الثوب، فهم عنها إرادة فراقه؛ حيث إن المرأة ذكرت بالكناية بما يمنعها من الدوام معه، والرجوع إلى رفاعة، فقال - صلى الله عليه وسلم - "لا"؛ أي: ذلك لا يحصل لك، على تقدير أن يكون الأمر كما ذكرت.

وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ"؛ في تأنيث العُسيلة أربعة أقوال: أحدها أن العسل يذكر ويؤنث، فمن أَنَّثه قال في تصغيره: عُسيلة. وقيل: أُنِّثَ على معنى النطفة، أو على نية اللذة، أو أراد قطعة من العسل، واستعمال لفظ العسيلة فيما ذكرنا مجاز، إما من اللذة، وإما من مظنتها، وهو الإيلاج على مذهب جمهور الفقهاء، الذين يكتفون بتغييب الحشفة.

وأضعف الأقوال قول من قال: العسيلة على أنها أنثت على معنى النطفة؛ حيث إن الإنزال لا يشترط (٢).

وتبسُّمه - صلى الله عليه وسلم - تعجُّب من جهرها وتصريحها بأمر تستحيي النساء من ذكره في العادة، أو لرغبتها في زوجها الأول، وكراهة الثاني.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: أن المبتوتة بالطلاق الثلاث لا تحلُّ لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره، وهو صريح القرآن العزيز.


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" له (٤/ ٤٠).
(٢) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ٣٣٠)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ١٠١)، و "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٢٣٧)، و "لسان العرب" لابن منظور (١١/ ٤٤٥)، و "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢ - ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>