للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز في "عدو الله": الرفعُ والنصب، ورجحوا النصبَ على النداء.

تقديره: يا عدو الله، والرفع: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو عدوُّ الله.

وفي "إلا" وجهان:

أحدهما: أنها واقعة على المعنى؛ أي: ما يدعوه أحد إلا حار عليه.

والثاني: على اللفظ في قوله "ليسَ من رجل".

و"حار عليه" هو بالحاء المهملة؛ أي: رجع عليه الكفر، وحار ورجع بمعنى واحد. قال الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: ١٤]؛ أي: يرجع حيًّا.

وهذا وعيد عظيم لمن أكفر أحدًا من المسلمين وليس كذلك، وهي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث لما اختلفوا في العقائد، فغلظوا على مخالفيهم، وحكموا بكفرهم، وخرق حجاب الهيبة في ذلك جماعة مما ذكرنا.

وهذا الوعيد لاحقٌ بهم، إذا لم يكن خصومُهم كذلك.

وقد اختلف الناس في التكفير وسببه، حتى صنف بعضهم فيه كتابًا مفردًا، ولا شك أن ذلك راجع إلى قاعدة كبيرة وهي: أن لازم الشيء الذهني اللاحقي ليس بلازم، ويسمى هذا عندهم: القول بالمآل، وهو أن لازم المذهب هل هو مذهب أم لا؟

والذي نعتقده، وقال به أكثر العلماء، وهو الراجح عند المحققين: إنه ليس بمذهب، وهذا الذي يسميه أهل الكلام: المعنى الساذج؛ يعني: المقتصر على مجرد معناه المطابق له من غير إلزام، وأما اللازم السابقي، وهو المسمى بالتضمن، فهو لازم قطعًا.

إذا عرف هذا، فاعلم أن كلًّا منهم في العقائد يقال: هي إثبات مطلق في مقابلة نفي مطلق.

فيلزم أهل النفي المطلق أهل الإثبات المطلق الذي يفهمونه على وفق

<<  <  ج: ص:  >  >>