صاحِبكُم، وإمَّا أَنْ تُؤذِنُوا بِحَرْبٍ"؛ فإنه يدل على أن المستحق دية لا قود؛ ولأنه لم يتعرض للقصاص، لكن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فبدفع بِرُمَّتِهِ" أقوى من قوله: "وتستحقون دمَ صاحبِكم"؛ لأن قولنا: "يدفع برمته" مستعمل في دفع القاتل للأولياء للقتل، أو لأن الواجب الدية، ويبعد استعمال هذا اللفظ فيها، وهو أظهر في استعماله في تسليم القاتل.
والاستدلال بقوله: "دمَ صاحِبكم" أظهرُ من الاستدلال بقوله: "وتستحقون قاتلَكم أو صاحبَكُم" احتمالًا ظاهرًا، لكن بعد التصريح بالدم، يحتاج إلى تأويل لفظه، بإضمار بدل دم صاحبكم، والإضمار على خلاف الأصل، ولو احتيج إلى الإضمار، لكان أقرب إلى اقتضاء حمله على إراقة الدم.
وأشار بعض المخالفين إلى احتمال أن يكون المراد بقوله: "دمَ صاحبِكم" هو القتيل، لا القاتل، ورد ذلك قولُه: "دمَ صاحبِكم أو قاتلَكُم".
ومنها: أن القسامة إنما تكون على واحد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم"، وبهذا قال مالك وأحمد، وقال أشهب وغيره: يحلف الأولياء على ما شاؤوا, ولا يقتلون إلا واحدًا، وقال الشافعي: إن ادعوا على جماعة، حلفوا عليهم، وتثبت عليهم الدية، على الصحيح عند الشافعي.
وعلى قول: يجب القصاص عليهم، وهو قول المغيرة بن عبد الرحمن من أصحاب مالك، فإنه لو قتل أكثر من واحد، لم يتعين أن يقسم على واحد منهم، قال: وإن حلفوا على واحد، استحقوا عليه وحده.
ومنها: أن لو تعدد المدعون في محل القسامة، حلف كل واحد منهم خمسين يمينًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقسمُ خمسون منكم على رجل منهم"؛ ومعناه: يقسم كل واحد من الخمسين القسمَ المشروع في ذلك، وهو خمسون يمينًا.
وقد نقل عن الشافعي -رحمه الله تعالى- في كيفية أيمانهم قولان:
أحدهما: ما ذكرنا.
والثاني: أن الجميع يحلفون خمسين يمينًا، وتوزع الأيمان عليهم، وإن وقع