ومنها: وجوبُ غسل المذي بالماء، ولا يجوزُ فيه غيرُه، ممَّا لا يجوز الاستجمارُ به، في الغائطِ والبول؛ لكونه نادرًا، فأشبه الدمَ، وهو أصحُّ القولين عند الشَّافعي - رحمه الله -، والقول الآخر: جوازُه؛ قياسًا على المعتاد، ويجعل الحديث بالأمر بالغسل: أنه خرج مخرجَ الغالب المعتاد، فيمن هو في بلد، أو يحمله على الاستحباب.
وقد استدل به من قال: يجب الوضوءُ على من به سلسُ البول؛ لكون المذاء: من كثر منه المذي، وقد أُمر بالوضوء منه، فكذلك من بهِ سلسُ البول.
لكنَّ المذاء الَّذي يكثر مذيه يكون لصحته، وعلته شهوته -غالبًا-؛ وقد تكون لمرضه، واسترساله لا يمكن إزالته، وهو نادر، خلاف سلس البول؛ فإنَّه مرض لا يزول -غالبًا- فافترقا، والله أعلم.
ومنها: جوازُ الاستنابة في الاستفتاء؛ للعذر، سواءٌ كان المستفتي حاضرًا، أو غائبًا.
ومنها: جوازُ الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع به؛ لأنَّ عليًّا - رضي الله عنه - اقتصر على قول المقداد مع تمكُّنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد يعترض على ذلك: بأنَّ عليًّا كان حاضرًا مجلسَ سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستحيا أَنْ يكونَ السؤالُ منه بنفسِه.
وأورد على ذلك: أنَّه يلزمُ من قبول قول المقداد من غير أَنْ يكونَ عليٌّ حاضرًا مجلس السؤال؛ إثبات خبر الواحد بخبر الواحد.
وجوابه: أنَّ المراد ذكرُ صورةٍ من صور خبرِ الآحاد؛ تدلُّ على قبوله، وهي: فردٌ من أفراده غير منحصرة فيه؛ والحجة تقوم بجملتها؛ لأنه منها، وإلَّا لكان ذلك إثبات الشيء بنفسه، وهو محال.
لكنه يذكر للتنبيه على أمثاله؛ لا للاكتفاء به، مع أنَّ عليًّا - رضي الله عنه - إنَّما أمر المقداد بالسؤال استحياء، لا لأجل قبول خبره، فإن ثبت أنَّ عليًّا