للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.

وأمَّا الصَّعيد، فالمراد به: التراب، وهو مذهب الأكثرين.

وقيل: هو جميع ما صَعِدَ على الأرض.

واعلم أن: اعتزالَ الرجل -المذكور في الحديث- الناسَ، وتركَ الصلاة فيهم، لا يخلو؛ إمَّا أن يكون في المسجد؛ وهو الظاهر، أو خارجه:

فإن كان خارجه، فيكون الرجل قد لزمَ الأدب والسنة في ترك جلوسه عند المصلين إذ لم يصلِّ معهم.

وإن كان في المسجد، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رآه جالسًا في المسجد، والناس يصلون: "ما مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ، أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟! " (١)؛ وهذا الإنكار؛ لشدة قبح الصورة في ترك الصلاة جالسًا، والناس يصلون.

أمَّا أن يترك الصلاةَ جنبًا، لابثًا في المسجد، عالمًا بتحريمه، مع تقرير عليه من غير إنكار، وتبيين الحكم له؛ فلا يجوز ذلك على مذهب جماهير العلماء؛ استدلالًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُحِلَّ المسجِدَ لجُنُبٍ، ولا حَائِضٍ" (٢).

وجوز أحمد: المكثَ فيه للجنب، وضعَّف هذا الحديثَ؛ لجهالة رواته، وبه قال المزني.

لكنه مخالف لظاهر القرآن العزيز، في قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣]؛ بمعنى: لا تقربوا الصلاة، ولا مواضعَها المعدَّةَ لها، إلا عابري سبيل مجتازين، غيرَ لابثين، للخروج من المساجد؛ إذا كنتم جنبًا، فقد أبيح العبور فيها من غير لُبْث.


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ١٣٢)، ومن طريقه الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٢١٤)، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٣٤)، والنسائي (٨٥٧)، كتاب: الإمامة، باب: إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه، عن محجن الديلي - رضي الله عنه -.
(٢) رواه أبو داود (٢٣٢)، كتاب: الطهارة، باب: في الجنب يدخل المسجد، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٣٢٧)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (١٧٨٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٤٤٢)، عن عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>