للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"طَهُورُ إِناءِ أَحَدِكُمْ، إِذا وَلَغَ فيهِ الكلبُ؛ أن يُغْسَلَ سَبْعًا" (١)؛ فقالوا: طهورٌ؛ يستعمل إما عن حدث، أو خبث، ولا حدثَ على الإناء؛ فتعين أَنْ يكونَ عن خبث.

فمنع هذا -المجيب المالكي- الحصر، وقال: إنَّ لفظَة طَهور، تستعمل في إباحة الاستعمال؛ كما في التراب؛ إذ لا يرفع الحدث كما قلناه؛ فيكون قوله: "طَهورُ إناء أحدِكم" مستعملًا في إباحة استعماله؛ كما في التيمم.

قال شيخنا أبو الفتح القاضي - رحمه الله -: وفي هذا عندي نظر؛ فإن التيمم، وإن قلنا: إنه لا يرفع الحدث، لكن الموجب عندي؛ لفعله الحدث، وفرق بين قولنا: إنَّه من حدث، وبين قولنا: إنَّه يرفع الحدث (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَيُّما رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَّاةُ، فَلْيُصلَّ":

أيُّما: هذه صيغةُ عموم يدخل تحتها مَنْ لم يجد ماء، ووجدَ ترابًا، ومن لم يجد ماء، ولا ترابًا، ووجدَ غيرهما؛ من أجزاء الأرض.

يستدل به على عموم التيمم بأجزائها، ومن خصَّ التيممَ بالتراب، يحتاج إلى دليل؛ يخص هذا العموم، أو يحمل الحديثَ على من لم يجد ماء، ولا ترابًا؛ فإنه يصلي على حسب حاله.

ويحتمل أَنْ يكونَ العمومُ بالنسبة إلى جميع حالات الصلاة والمصلي؛ من عدم آلة الطهارة، وغير ذلك، ومما يتعلق بالصلاة، ووقتها، ومكانها.

فإنه كانت الأممُ الماضية لا تصلي إلا في المساجد بوضوء؛ على المشهور من قول العلماء: في أنَّ الوضوء لم يكنْ خاصًّا بهذه الأمة، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا وُضُوئِي، ووُضُوءُ الأَنْبِياءِ قَبْلي" (٣)، في التثليث، ولا يخرجها عن وقتها؛ مع ضيق الوقت، وتعيينه.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١١٧).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>