للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخُصَّتْ هذه الأمة بالتيمم بدلًا عن الوضوء، والغسل؛ فكأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة؛ على أي حال كان، وفي أي مكان، فليصلها، [وخُصَّتْ أنها بسعة الوقت، إلا في المغرب؛ على قول] (١).

لكنَّ تعقيبَ الحكمِ بالفاء، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأيما رجلٍ من أمتي"، عقب قوله: "جُعلت لي الأرض مسجدًا، وطهورًا" يدل على أن العموم بالنسبة إلى مكان الصلاة، وطهارتها، والله أعلم.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأُحِلَّتْ ليَ الغَنائِمُ":

لا شكَّ أنَّ الغنائمَ كانت محرمةً على الأمم الماضية، فكانوا يجمعونها، فتأتي نار من السماء، فتأكلها، فأحلها الله تعالى لهذه الأمة؛ إكرامًا لها لضعفها، بسبب نبيها - صلى الله عليه وسلم -.

ثم إِنَّ المرادَ بإحلالها له - صلى الله عليه وسلم -: تصرُّفُه فيها، بقسمتها لنفقته ولمن يشاء؛ كما في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: ١].

ويُحْتَملُ أَنَّ المراد به: بعضُ الغنائم؛ كما في بعض الأحاديث: "وأُحِلَّ لنا الخُمسُ" رواه أبو حاتم بنُ حِبَّان في "صحيحه" (٢).

والغنائم: ما يؤخذ من الكفار؛ بإيجافِ الخيلِ والرِّكاب بقتال، والله أعلم.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأعْطِيْتُ الشَّفَاعةَ":

الألف واللام تكون للعهد؛ كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأُعطيتُ الشفاعةَ"، وقوله تعالى: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٦].

وتكون للعموم؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهُمْ" (٣).


(١) ما بين معكوفين ساقط من "ح".
(٢) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٦٣٩٩)، من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه -.
(٣) رواه أبو داود (٢٧٥١)، كتاب: الجهاد، باب: في السرية ترد على أهل العسكر، وابن ماجه (٢٦٨٥)، كتاب: الديات، باب: المسلمون تتكافأ دماؤهم، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢١٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٨)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>