للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تكونُ لتعريفِ الحقيقة؛ كقولهم: الرجلُ خيرٌ من المرأة، والفرسُ خيرٌ من الحمار.

ولا شكَّ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - له شفاعة عامة؛ وهي: التي تكون في المحشر، يفزع إليه الخلائقُ بسببها - صلى الله عليه وسلم -؛ في إراحتهم من طول القيام بتعجيل حسابهم، وهذه خاصة به - صلى الله عليه وسلم -، لا خلاف فيها، ولا تنكرها المعتزلة؛ فعلى هذا تكون الألف واللام في الشفاعة للعهد.

قال القاضي عياض: وقيل: المراد بالشفاعة: شفاعةٌ لا تُرَدُّ، قال: وقد تكون شفاعته المذكورة في الحديث لخروج مَنْ في قلبه مثقالُ ذرة من إيمان من النار؛ لأن الشفاعة لغيره إنما جاءت قبل هذا، وهذه مختصة به؛ كشفاعة المحشر (١).

واعلم أن شفاعاته الأخروية خمسٌ:

إحداها: هي العظمى التي يحمَدُه عليها الأوَّلون والآخرون؛ وهي خاصة به؛ كما ذكرنا.

الثانية: الشفاعةُ في إدخالِ قومٍ الجنةَ بغير حساب ولا عقاب؛ وهذه أيضًا ثابتة له - صلى الله عليه وسلم -، قال شيخنا أبو الفتح القاضي- رحمه الله تعالى-: ولا أعلم الاختصاص فيها، أو عدمه (٢).

الثالثة: الشفاعة لقوم قد استوجبوا النار؛ فيشفع في عدم دخولهم النار؛ وهذه غير مختصة.

الرابعة: فيمن يدخل النار من المذنبين؛ فيشفع في خروجهم منها، وقد صح فيها: عدم الاختصاص؛ من شفاعة الأنبياء، والملائكة، والإخوان من


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٥/ ٤). قلت: وما سيذكره المؤلف -من أنواع الشفاعة-، قد ذكرها النووي أيضًا في "شرح مسلم" (٣/ ٣٥).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (١/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>