للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين، ثم يخرج الله كلَّ مَنْ قال: لا إله إلا الله؛ كما جاء في الحديث، لا يبقى فيها إلا الكافرون.

الخامس: الشفاعة بعد دخول الجنة في زيادة الدرجات لأهلها؛ وهذه لا تنكرها المعتزلة.

فيلخص أَنَّ الشفاعةَ: معلومةُ الاختصاصِ به - صلى الله عليه وسلم -، ومعلومة عدم الاختصاص، ومحتملة الوجهين؛ فلا يكون الألف واللام للعموم.

فإن كان قد صدر منه - صلى الله عليه وسلم - الإعلام بالأول للصحابة؛ فالألف واللام للعهد.

وإن لم يتقدم ذلك على هذا الحديث؛ فليجعل الألف واللام لتعريف الحقيقة، وينزل على الشفاعة العظمى؛ لأنه كالمطلق حينئذٍ، فيكتفى بتنزيله على فرد.

وليس لك أن تقول: لا حاجةَ إلى هذا التكلُّف؛ فإنه ليس في الحديث إلا قوله: "أُعْطِيتُ الشفاعةَ"، وكل الأقسام قد أعطيها - صلى الله عليه وسلم -؛ فيحمل اللفظ على العموم.

لأَنَّا نقول: هذه الخصلة مذكورة في الخمس التي اختص بها - صلى الله عليه وسلم -؛ فلفظُها -وإن كان مطلقًا- إلا أن ما سبق في صدر هذا الكلام يدل على الخصوصية.

ثم اعلم أنه: لا شك أنه قَدْ عُرِفَ بالنقل المستفيض سؤالُ السلف الصالح -رضي الله عنهم- شفاعةَ نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ورغبتُهم فيها.

وعلى هذا لا يُلتفت إلى قول من قال: يكره أن يسأل الله تعالى أَنْ يرزقَه شفاعةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لكونها لا تكون إلا للمذنبين؛ فإنها قد تكون -كما قدمنا- لتخفيف الحساب، وزيادة الدرجات.

ثَمَّ كلُّ عاقلٍ معترف بالتقصير؛ محتاجٌ إلى العفو، غيرُ معتقد في عمله، مشفقٌ أَنْ يكون من الهالكين؛ ويلزم هذا القائل ألا يدعو بالمغفرة والرحمة؛ لأنها لأصحاب الذنوب؛ وهذا كله خلاف ما عُرف من دعاء السلف، والخلف، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>