والأظهر فتحُها؛ أي: المرَّةُ من الحيض، ونقله الخطابي عن أكثر المحدِّثين، أو كلِّهم؛ وهو في هذا الحديث متعيِّنُ، أو قريب منه؛ لاقتضاء المعنى إياه؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - أراد نفي الحيض، وإثبات الاستحاضة.
وأما ما يقع في كثير من كتب الفقه:"إِئما ذَلِكَ عِرْقٌ انقطع، أو انفجرَ، وليسَ بالحيضةِ"؛ فهي زيادة لا تُعرف في الحديث، وإن كان لها معنى.
في الحيضة -هنا- الوجهان؛ في فتح الحاء، وكسرها جوازًا حسنًا.
وهو تعليق الحكم بالإقبال، والإدبار؛ فلا بد أَنْ يكونَ معلومًا للحيضة، بعلامة تعرفها:
فإن كانت مميزة، ورُدَّتْ إلى التمييز؛ فإقبالها: بدوُّ الدم الأسود، وإدبارُها: إدبارُ ما هو بصفة الحيض، وإن كانت معتادة، ورُدَّتْ إلى العادة؛ فإقبالها: وجودُ الدم في أولِ أيامِ العادة، وإدبارُها: انقضاءُ أيام العادة.
وقد ورد في حديث فاطمةَ بنتِ أبي حُبيش ما يقتضي الردَّ إلى التمييز، وقالوا: إنَّ حديثَها هذا في المميزة، وحُمل قولُه:"فإذا أقبلتِ الحيضةُ" على الحيضة المألوفة التي هي بصفة الدم المعتاد.
وأقوى الروايات في الرد إلى التمييز، الروايةُ التي فيها:"دمُ الحيضِ أسودُ يُعْرفُ؛ فإذا كانَ ذلكَ، فَأَمْسِكي عن الصلاة"(١).
وقد يشير إلى الردِّ إلى العادة في هذا الحديث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإذا ذهبَ قَدْرُها"؛ يعني: قدرُ أيامِها، وصَحَّفَ بعض الطلبة هذه اللفظةَ، فقال: "فإذا ذَهب قَذَرُها؛ -بالذال المعجمة المفتوحة-، وإنما هو: قَدْرُها -بالدال المهملة الساكنة-؛ أي: قَدْرُ وقتِها.
(١) رواه أبو داود (٢٨٦)، كتاب: الطهارة، باب: من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، والنسائي (٢١٥)، كتاب: الطهارة، باب: الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، وابن حبان في "صحيحه" (١٣٤٨)، وغيرهم من حديث فاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها -.