وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فاغْسِلي عنكِ الدمَ، وصلِّي": هذا الحديث مشكل في ظاهره؛ حيثُ لم يذكر الغسلَ، ولا بدَّ بعد انقضاء الحيض من الغسل.
وحمل بعضهم هذا الإشكال على أن جعل الإدبار: انقضاء أيام الحيض؛ فالاغتسال .... ، وجعل قوله:"فاغسلي عنكِ الدمَ" محمولًا على دم يأتي بعد الغسل.
والجواب الصحيح: أَنَّ الغُسلَ إِنْ لم يُذكرْ في هذه الرواية، فقد ذُكِرَ في رواية أخرى صحيحة قال فيها:"واغتسلي".
وأما أحكامه:
ففيه دليل على: أن المستحاضة لا تصلي إلا في الزمن المحكوم بأنه حيض؛ وهو مجمع عليه، ولم يخالف فيه الخوارج.
وفيه: استفتاء من وقعت له مسألة، وجواز استفتاء المرأة بنفسها، ومشافهتها الرجال فيما يتعلق بالطهارة، وأحداث النساء، وجواز استماع صوتها عند الحاجة.
وفيه: النهيُ لها عن الصلاة في زمن الحيض؛ وهو نهي تحريم، ويقتضي فساد الصلاة بإجماع المسلمين، وسواء في هذه الصلاة المفروضة، والنافلة؛ لظاهر الحديث؛ وكذلك يحرم عليها: الطواف، وصلاة الجنازة، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، وكل هذا متفق عليه.
وقد أجمع العلماء على: أنها ليست مكلفة بالصلاة، وعلى أَنَّه لا قضاءَ عليها، نعم، استحب بعضُ السلف، وبعض أصحاب الشَّافعي للحائض إذا دخل وقت الصلاة: أَنْ تتوضَّأ، وتستقبلَ القبلة، وتذكرَ الله تعالى، وأنكر ذلك بعضهم.
وفيه دليل على: نجاسةِ دم الحيض، والأمر بإزالته، وأنَّ الصلاة تجب بمجرد انقطاع دم الحيض.
واعلم: أن المستحاضة لها حكم الطاهرات في معظم الأحكام؛ فيجوز