روى عنه جماعة من الصحابة، منهم: أنس بن مالك، وأبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو موسى الأشعري، وعمرُو بنُ حُريث، وغيرُهم، ومن التابعين خلقٌ كثير، وروى له: أصحابُ السنن والمساند.
ولما مات، قال أبو الدرداء: ما ترك بعده مثله.
مات سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وثلاثين؛ ابنَ بضعٍ وستين سنةً، والأكثرون على: أنه مات بالمدينة، ودفن بالبقيع، وصلَّى عليه عثمان، وقيل: عمار، وقيل: الزبير؛ وكان آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين الزبير، وكان أوصى إليه، وأوصى أن يدفن بجنب عثمان بن مظعون، وقيل: مات بالكوفة، والله أعلم (١).
وأما قوله:"حَدَّثني صاحبُ هذهِ الدارِ -وأشارَ إلى دارِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ-":
لا شك أنَّ الإشارةَ إلى الشيء قد تكون أبلغَ في التفهيم من التصريح باسمه، وذكره؛ لما فيه من نفي أنواع المجاز، وحينئذ يجوز للراوي التحديثُ من غير ذكر اسم المرويِّ عنه إذا كان السامعُ عارفًا به بإشارة، أو علمٍ سابق به يقع التمييز به من غير اشتباه.
وقوله:"سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ العملِ أحبُّ إلى اللهِ؟ ":
اعلم أن العبد مأمور بتنزيلِ الأشياء منازلَهَا، فيقدم الأفضلَ على الفاضل، فيعمل عليه، ويسأل عنه طلبًا للدرجة العليا، وتحريضًا على تأكيد القصد إليه، والمحافظة؛ فإن المخالفة في الشرع تقع بارتكاب المحرم، وترك الأفضل.
ولا شكَّ أَنَّ العمل يطلق على: عمل القلب، والجوارح؛ والمراد في هذا
(١) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٣/ ١٥٠)، و"الثقات" لابن حبان (٣/ ٢٠٨)، و "حلية الأولياء" لأبي نعيم (١/ ١٢٤)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (٣/ ٩٨٧)، و"تاريخ بغداد" للخطيب (١/ ١٤٧)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٣٣/ ٥٤)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (٣/ ٣٨١)، و"تهذيب الكمال" للمزي (١٦/ ١٢١)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (١/ ٤٦١)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٤/ ٢٣٣)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا =