هذا ما يتعلق بالنوافل المقيدة، وأما النوافل المطلقة، وتسمى المُرسَلة، فما كان منها في حديث صحيح أو حسن مقيدًا بعدد أو هيئةٍ، أُعمل به، وكان مستحبًّا، وتختلف مراتبه وتأكيده باختلاف دليله في فعله وتركه قولًا وعملًا على حسبه؛ في صحته ومَراتبه، وما كان في حديث ضعيف، احتمل أن يعمل به؛ لدخوله تحت العمومات، لكن شرطه أن لا يقومَ دليل على المنع منه في العمومات أَخصُّ منه، وليس الحديثُ الموضوع من ذلك ألبتة، خصوصًا إن أحدثَ شعارًا في الدين؛ كالصلاة المذكورة في ليلة أول جمعة من رجب؛ فإن حديثها موضوع، وقد أدخلها بعضُهم تحت العمومات الدالَّة على فضل الصلاة والتسبيحات، وَلم يستقم له ذلك لو كان حديثها ضعيفًا، وهو الذي لم يدخل تحت حدِّ الصحيح أو الحسن، فكيف بالموضوع الذي هو شرٌّ من الضعيف المختلَق المصنوع؟! كيف وقد صحَّ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تخصيص ليلةِ الجمعةِ بقيام، وهو أخصُّ من العمومات الدالة على فضيلة مطلق الصلاة، ثم احتمال دخوله تحت العمومات إنما هو في الفعل لا في الحكم بالاستحباب المخصوص بهيئةٍ؛ لأنه يحتاج إلى دليل شرعي عليه بذلك الوقت والهيئة والحالة، والله أعلم.
ومما أُحدثَ شعارًا في الدين عيدًا ثالثًا أحدثَه الروافضُ وسموه: عيدَ الغدير، وليس له أصل في الشريعة.
ثم المحدَث في الدين قد يكونُ زيادةَ وصفٍ في العبادة المشروعة لم تثبت في السنة؛ كاجتماع في موضع الانفراد، ويزعم من يفعل ذلك أن يدخل تحت عموم السنة؛ كما يفعل في ليلة النصف، والتعريف بغير عرفة، وهذا لا يستقيم؛ فإن الغالب على العبادات التعبد، ومأخذُها التوقيف، فإن دلَّ الدليل على كراهة المحدث بخصوصيته، كان أقوى في منعه وأظهر.
وقد ذكر أصحاب الشافعي -رحمهم الله- في رفع اليدين في دعاء القنوت وجهين، فمن نظر إلى صحة الحديث في رفع اليدين في الدعاء عندَ الإطلاق،