للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "قوموا فلأُصَلِّيَ لكمْ"، مكسورة اللام في قوله: فلأصليَ: مكسورةٌ، لامُ كي، والفاءُ زائدة، وقد جاءت زيادتُها في قولهم: زيدٌ فمنطلق؛ كما قال:

وقائلة خولان فانكح فتاتهم (١)

وهو مذهب الأخفش.

وقد رُوي بكسر اللام، وجزم الياء؛ على أنه أمر نفسه؛ كما يقال: لأقمْ، ولأقعدْ.

وقد روي بفتح اللام، والياء ساكتة؛ وهي أشدها؛ لأن اللام تكون جوابَ قسم محذوف، وحينئذ تلزمها النون، في الأشهر (٢).

وقوله: "فقمتُ إلى حَصير قد اسودَّ من طولِ ما لُبِس، فنضحتُه بماءٍ"، لا شكَّ أن لباسَ كلِّ شيء بحسبه شرعًا ولغة؛ فافتراشُ الحصير لا يسمى لباسًا عرفًا.

ونضحُه بالماء: يحتمل أن يكون غَسلًا؛ لأجل تليينه، وتهيئته للجلوس عليه، وقد صرح بذلك في رواية في "صحيح مسلم".

ويحتمل أن يكون لطهارته، وزوالِ ما يعرض من الشك في النجاسة فيه.

ويحتمل أن يكون رشًّا؛ وهو ما دون الغَسل، وهو الذي يُنضح به بولُ الصبي الذي لم يَطْعَم، أو فيمن حصل له شك في نجاسة؛ فإن احتراز الصبيان عن النجاسة بعيد.

وقوله: "ثم انصرفَ" يحتمل أن المراد بالانصراف: خروجُه من البيت؛ وهو الأقرب.

ويحتمل أنه أراد الانصراف من الصلاة؛ بناء على أن السلام لا يدخل تحت مسمى الصلاة؛ عند أبي حنيفة، وأما على رأي غيره؛ فيكون الانصراف عبارة عن التحلل، الذي يستعقب السلام.


(١) انظر: "خزانة الأدباء" للبغدادي (١/ ٤٥٥).
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>